(ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً) أي ان النبات يشق تربة الأرض ليخرج منها تماما كما يشق الفرخ قشرة البيضة التي هو فيها (وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدائِقَ غُلْباً) جمع غلباء وهي الضخمة العظيمة من الشجر وغيرها : والمعنى ان تلك الحدائق عظيمة بأشجارها وثمارها ، وظلالها وجمالها.
(وَفاكِهَةً وَأَبًّا مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ). والابّ المرعى ، والمتاع ما يتمتع به الإنسان والحيوان. قال الشيخ محمد عبده : «روي ان أبا بكر الصديق سئل عن الأب فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به؟ وعن عمر بن الخطاب انه قرأ هذه الآية فقال : كل هذا عرفناه فما الأب؟. ثم رفض عصا كانت بيده أي كسرها وقال : هذا لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري ما الأب؟ .. ولا تظن ان سيدنا عمر ينهى عن تتبع معاني القرآن ، وانما يريد أن يعلمك ان الذي عليك من حيث انت مؤمن ان تفهم جملة المعنى».
(فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) القيامة ، وهي تصك الآذان بصوتها حتى تكاد تصمها (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ). لا أحباب ولا أنساب يوم القيامة لأن كل انسان مشغول بنفسه منصرف لما هو فيه عن غيره .. هذا ، إلى انه أعزل من كل شيء. وفيه إيماء الى ان الذين يحرص الإنسان عليهم في الحياة الدنيا ، ويعصي الله من أجلهم ـ لا يغنون عنه شيئا في الآخرة ، ولا هو عنهم بمغن شيئا. وفي بعض التفاسير : ان ذكر الأرحام في الآية جاء على الترتيب الطبيعي حيث قدمت الأخ ثم الأبوين ثم الزوجة والولد لأن عاطفة الإنسان نحو أبويه أقوى منها نحو أخيه ، وعاطفته نحو زوجته وولده أقوى منها نحو أبويه. فكأنه قال تعالى : يفر المرء من أخيه بل من امه وأبيه بل من صاحبته وبنيه.
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) اي مضيئة ، من أسفر الصبح (ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) فرحا وسرورا بما أعد الله لها من المقام الكريم والأجر العظيم (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) الذل والهوان (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) يعلوها سواد الحزن والكآبة (أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ). ووصف الكفرة بالفجور يومئ الى ان الفاجر المتهتك هو والكافر بمنزلة سواء عند الله حتى ولو حافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها.