الإعراب :
قال ابن خالويه في كتاب إعراب ثلاثين سورة : هل لفظه استفهام ، ومعناه «قد» وكل ما في القرآن من «هل أتاك» فهو بمعنى قد أتاك. وجوه مبتدأ وخاشعة خبر ويومئذ متعلق به ، وعاملة خبر ثان وناصبة خبر ثالث. وراضية بدل من ناعمة ولسعيها متعلق براضية. وفيها خبر مقدم ، وسرر مبتدأ مؤخر ، ومرفوعة نعت لسرر. كيف مفعول مطلق بمعنى أي خلق خلقت أو حال أي على أيّ حال خلقت. الا من تولى استثناء منقطع أي لكن من تولى.
المعنى :
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ). الخطاب للرسول (ص) ولكن السبب الموجب يعم الجميع ، والغاشية القيامة ، سميت بذلك لأنها تغشى الناس بشدائدها وأهوالها ، والمعنى هل تعرف شيئا عن يوم القيامة؟ .. ان الناس فيه فريقان : الفريق الأول (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) يظهر عليها أثر الذل والخزي والهوان (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) من النصب وهو التعب ، والمعنى ان أصحاب هذه الوجوه عملوا في الدنيا كثيرا ، وتعبوا كثيرا ، ولكن لغير الله .. فما أصابوا من عملهم إلا التعب والكد في الدنيا ، والحسرة والعذاب في الآخرة ، فكان المهنأ لغيرهم ، والعبء على ظهرهم. وفي نهج البلاغة : ان أخسر الناس صفقة ، وأخيبهم سعيا رجل أخلق بدنه في طلب ماله ولم تساعده المقادير على ارادته ، فخرج من الدنيا بحسرته ، وقدم على الآخرة بتبعته (تَصْلى ناراً حامِيَةً) تكوى بنار مستعرة (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) وهي الشديدة الحرارة ، من أنى الماء يأنى إذا سخن ، وبلغ من الحرارة غايتها ، ومثله (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) ـ ٤٤ الرحمن (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قال صاحب القاموس المحيط : الضريع نبت لا تقربه دابة لخبثه. ومهما يكن فإنه رديء وبيل ، ويكفي أن يكون طعام أهل النار (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) لا يدفع ضرا ، ولا يجلب نفعا.