(أَنْ لَنْ يَقْدِرَ) أي انه لن. و (النَّجْدَيْنِ) مفعول ثان لهديناه لأن المعنى عرفناه النجدين. (وَما أَدْراكَما) مبتدأ وجملة (أَدْراكَ) خبر. و (مَا الْعَقَبَةُ) مبتدأ وخبر. و (فَكُ) خبر لمبتدأ محذوف أي هي فك. و (يَتِيماً) مفعول (إِطْعامٌ). وأصل (تَواصَوْا) تواصيوا ، وحذفت الياء لالتقاء الساكنين.
المعنى :
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ). المراد بالبلد مكة المكرمة بأشرف بيت وضع للناس مباركا ، وبأعظم نبي ولد فيها ، وأرسل رحمة للعالمين (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ). الخطاب لمحمد (ص) وحل أي حال ومقيم ، والواو للحال ، وعليه يكون القسم بمكة مقيدا بإقامة الرسول فيها إشعارا بأن مكة زادت رفعة بمولده وإقامته. واختار الشيخ محمد عبده قول من قال : ان حلا هنا بمعنى الحلال لا بمعنى الحلول أي ان أهل مكة استحلوا إيذاء الرسول في البلد الأمين حتى اضطروه الى الهجرة منه. وهذا المعنى صحيح في نفسه ، ولكنه بعيد عن مدلول اللفظ ، فإن المتبادر الى الافهام من (أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) هو أنت مقيم فيه ، لا أنت حلال فيه.
(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ). هذا داخل في المقسم به ، وقال جماعة من المفسرين : المراد بالوالد هنا آدم ، وبالولد ذريته ، وانما قال تعالى : وما ولد ولم يقل : ومن ولد ـ ما زال الكلام للجماعة ـ ليشير سبحانه الى ان المولود عظيم الشأن كما في قوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) ـ ٣٦ آل عمران. وقال آخرون : منهم ابن عباس والطبري والشيخ محمد عبده : ان المراد كل والد ومولود إنسانا كان أم حيوانا أم نباتا .. وهذا القول أقرب الى ظاهر اللفظ من غيره ، أما الغرض من القسم بالوالد والمولود فهو التنبيه الى إنشاء الكائنات الحية وتطورها من خلق الى خلق ، من النطفة الى الإنسان أو الحيوان ، ومن الحبة الى الشجرة وغيرها من النبات.
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ). هذا جواب القسم. وكبد التعب والمشقة ، والمعنى ان الله سبحانه خلق الإنسان مجدا كادحا يتصارع مع ميوله ورغباته ، ومع أتعاب الحياة وشدائدها ، ثم بعد هذا يقاسي سكرات الموت ، وظلمة القبر ووحشته ،