قدرة الخالق وعظمته يدل أيضا وبطريق أولى على انه تعالى قادر على إحياء الموتى ، لأن السبب الموجب للأمرين واحد ، وهو قدرة من إذا قال للشيء كن فيكون ، قال الإمام علي (ع) : عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى. وتقدم هذا المعنى في عشرات الآيات ويأتي الكثير ، من ذلك قوله تعالى : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) ـ ١٥ ق. فكيف نعيا بالخلق الثاني؟.
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) أي يعذبون بها ، ويقال لهم : (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ) الذي كفرتم به من قبل؟ (قالُوا بَلى وَرَبِّنا). أنكروا في الدنيا حيث يضرهم الإنكار ، وأقروا في الآخرة حيث لا ينفعهم الإقرار شيئا (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) بل وتسخرون من الذين آمنوا بحساب الله وعذابه ، ومثله : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) ـ ٣٠ الأنعام ج ٣ ص ١٧٩.
(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ). جاء في كثير من التفاسير ان اولي العزم خمسة : نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد ، ولقد كان لكل واحد منهم شريعة خاصة أوجب الله العمل بها على جميع خلقه الى عهد الذي يليه من الخمسة ، فتنسخ اللاحقة الشريعة السابقة الى شريعة محمد (ص) سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، فإنها ناسخة غير منسوخة الى يوم القيامة ، أما الأنبياء الآخرون فقد كان كل واحد منهم يعمل بشريعة من تقدمه من اولي العزم ... وفي هذا روايات عن أهل بيت النبي (ص) وتومئ اليه الآية ١٣ من سورة الشورى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى) حيث خص سبحانه الخمسة بالذكر دون غيرهم ، وكلمة شرع ظاهرة بالشريعة ، والخطاب في «اليك» لمحمد (ص).
(وَلا تَسْتَعْجِلْ ـ العذاب ـ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ). الخطاب في لا تستعجل لمحمد (ص) وضمير «لهم» وكأنهم يعود الى الذين كفروا برسالته ، والمراد بما يوعدون عذاب جهنم ، والمعنى لا تستعجل العذاب يا محمد للذين كفروا فإنه نازل بهم في الآخرة لا محالة ، أما مكوثهم في