كالعطف على قوله : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً). وقال صاحب مجمع البيان : روى أصحابنا ـ أي الشيعة الإمامية ـ انهما سورة واحدة لتعلق إحداهما بالأخرى ، وجمعوا بينهما في الركعة الواحدة في الفريضة ، وكذلك في سورة ألم تر كيف .. ولإيلاف قريش. وقال الشيخ المراغي : «نزلت هذه السورة بعد سورة الضحى ، وهي شديدة الاتصال بما قبلها». وقال صاحب الظلال : «نزلت هذه السورة بعد سورة الضحى ، وكأنها تكملة لها».
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ). ضاق النبي (ص) ذرعا بفساد المجتمع الذي كان يعيش فيه ، وحار في أمره وهو يلتمس الطريق لاصلاح قومه وهدايتهم حتى نزل عليه القرآن ، وأنار له السبيل الى ما يبتغيه من صلاح وإصلاح ، فاطمأن قلبه وانشرح صدره (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ). الوزر الحمل الثقيل ، والمراد به هنا همّ النبي وغمه لما كان عليه قومه من الشرك والضلال ، فأراح الله نبيّه بالقرآن الكريم من الهمّ والغمّ ، وعليه يكون المراد من وضعنا عنك الخ هو عين المراد من ألم نشرح لك صدرك. ولا فرق إلا في الأسلوب والتعبير ، والغرض زيادة الإيضاح والتأكيد (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ). وأي شيء أعلى وأرفع من اقتران اسم محمد باسم الله ، وطاعته بطاعته (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ـ ٨٠ النساء. (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) ـ ٣٦ الأحزاب.
ومعنى هذا ان قول محمد (ص) هو قول الله بالذات.
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً). المعنى واضح ، وهو ان الشدة يعقبها الفرج عاجلا أو آجلا لأن المراد بمع هنا تأكيد الأمل في وقوع اليسر وان طال الزمن ، وليس المراد بها المصاحبة والمقارنة.
وتسأل : ما هو القصد من هذا التكرار : فإن مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا؟
الجواب : لا نرى له وجها إلا تأكيد هذه القضية في النفوس وتمكينها من القلوب لأنها موضع الشك والريب عند أكثر الناس أو الكثير منهم ، أما الرواية القائلة : «لن يغلب عسر يسرين» فقد تأملناها مليا ، وفهمنا اليسر الأول وانه كشف العسر ، ولكن لم نفهم اليسر الثاني. وقيل : هو ثواب الآخرة. وهذا أبعد من بعيد عن ظاهر اللفظ وسياق الآية لأنها تتكلم عن عسر الدنيا ويسرها ،