هي احدى ليالي شهر رمضان. وتعددت الأقوال في تعيين هذه الليلة من الشهر المذكور تبعا لتعدد الأحاديث ، وسكت كتاب الله عن ذلك للحث على إحياء جميع ليالي شهر رمضان بالعبادة كما قيل.
وفي رواية عن الإمام جعفر الصادق (ع) : ان سائلا سأله عنها فقال له : اطلبها في تسع عشرة واحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، وجرت العادة عند أهل السنة أن يقيموا شعائرها في ليلة ٢٧.
وأطرف ما قرأته حول تعيين هذه الليلة ما جاء في كتاب أحكام القرآن لأبي بكر المعروف بابن العربي المعافري الأندلسي المالكي ، قال صاحب الكتاب ما نصه بالحرف : انها في ليلة ٢٧ لأن العلماء عدوا حروف السورة فلما بلغوا الى كلمة «هي» وجدوها سبعة وعشرين حرفا ، فحكموا عليها بها ـ أي حكموا على ليلة القدر بالحروف المعدودة ـ وهو أمر بين وعلى النظر بعد التفطن له هين ، ولا يهتدي له إلا من كان صادق الفكر سديد العبرة». وليست هذه «العبقرية» في الاستنتاج ، وهذا «الورع» في تفسير كلام الله ـ بالشيء الغريب عن الذي فال معلقا على فتوى للإمام الشافعي : «هذا كلام من لم يذق طعم الفقه». وأيضا قال تعليقا على فتوى للإمام أبي حنيفة : «هذا فقه ضعيف». أنظر كتاب «أحكام القرآن» ج ٢ ص ٢٣٩ طبعة ٣٣١ ه.
وقال الشيخ محمد عبده : ليلة القدر هي ليلة عبادة وخشوع وتذكر لنعمة الحق والدين .. ولكن المسلمين في هذه الأيام يتحدثون فيها بما لا ينظر الله اليهم ، ويسمعون شيئا من كتاب الله لا ينظرون فيه ولا يعتبرون بمعانيه ، بل إن أصغوا فإنما يصغون لنغمة تالي القرآن .. ولهم خيالات في ليلة القدر لا تليق بعقول الأطفال فضلا عن الراشدين من الرجال.
واختلفوا : هل نزل القرآن جملة واحدة أو نجوما؟ والحق انه نزل نجوما ، وان معنى أنزلناه في ليلة القدر ان ابتداء النزول كان في هذه الليلة. وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ١٠٦ من سورة الإسراء ج ٥ ص ٩٥ فقرة «هل نزل القرآن نجوما»؟. وأيضا اختلفوا : لما ذا سميت هذه الليلة بليلة القدر؟ فمن قائل : لأن الله سبحانه يقدّر ويقسم الأرزاق والآجال في هذه الليلة بين عباده ،