عن الحق بلا مبرر هو شر أهل الأرض تماما كمن جعل لله شريكا ، ولا جزاء لهذا وذاك إلا الخزي والعذاب.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ). آمنوا بالحق وعملوا بموجب ايمانهم (أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ). كل من بحث عن الحق وعمل به لوجه الحق ولا تأخذه فيه لومة لائم ـ فلا أحد أفضل منه إلا من اختاره الله لرسالته ، واصطفاه أمينا على وحيه (جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ). رضي عنهم لأنهم عملوا بمرضاته فأثابهم بملك دائم ، ونعيم قائم ، ورضوا عنه بما أفاضه عليهم من فضله ونعمه. وتقدم مثله في الآية ١١٩ من سورة المائدة ج ٣ ص ١٥٣ والآية ١٠٠ من سورة التوبة ج ٤ ص ٩٥ والآية ٢٢ من سورة المجادلة.
(ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ). لقد أعد سبحانه الجزاء الحسن لمن خشي الرحمن بالغيب وقال صوابا. قال الشيخ محمد عبده : «أراد سبحانه بهذه الكلمة الرفيعة ان يدفع سوء الفهم الذي وقع فيه العامة والخاصة وهو ان مجرد الاعتقاد الموروث من الأبوين ومعرفة ظواهر بعض الأحكام وأداء بعض العبادات ، مجرد هذا يكفي في نيل ما أعده الله للمؤمنين ، وان امتلأت قلوبهم بالحقد والحسد والكبرياء والرياء ، وأفواههم بالكذب والنميمة والافتراء ، وسرائرهم بالرق والعبودية للأمراء بل لمن دون الأمراء .. كلا ، لا ينالون حسن الجزاء لأن خشية الله لم تحل قلوبهم ، ولم تهذب شيئا من نفوسهم ، ولا يكون ذلك إلا لمن خشي ربه ، وأشعر خوفه قلبه».