المعنى :
جاء في مجمع البيان وغيره ان رسول الله (ص) أرسل سرية الى حي من بني كنانة ، فأبطأت عليه ، فقال المنافقون : ان رجالها قتلوا ، فنزلت هذه السورة تخبر النبي (ص) بسلامتهم وتكذب المرجفين.
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً). العاديات جمع العادية من العدو ، وهو الجري بسرعة ، والمراد بالعاديات هنا الخيل ، وقيل الإبل ، والضبح صوت أنفاسها عند العدو (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً). الموريات من قولهم : أورى النار إذا أوقدها ، والقدح الضرب لإخراج النار ، والمعنى ان الخيل عند عدوها تضرب الحجارة بحوافرها فيتطاير منها الشرر ، (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) أغارت الخيل على العدو وقت الصبح لتأخذه على غفلة منه (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً).أثرن حركن ، والضمير في به يعود الى وقت الصبح ، والباء ظرفية أي فيه ، والنقع الغبار (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً). وسطن توسطن ، وأيضا ضمير به يعود الى وقت الصبح ، والمراد بالجمع هنا جمع العدو ، والمعنى هاجمت الخيل العدو وقت الصباح.
أقسم سبحانه بخيل المعركة ، وبالأحرى أقسم بالقوة وإعداد العدة ليحث المؤمنين على الجهاد في سبيل الله ، والتسلّح بالقوة لردع أعداء الله والانسانية .. ومن تتبع آي الذكر الحكيم يجد ان الله سبحانه قد حث المؤمنين في العديد من آياته وبشتى الأساليب أن يكون لديهم أمضى سلاح يرهبون به الطغاة المعتدين الذين لا يفهمون إلا بلغة القوة .. من ذلك قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) ـ ٦٠ الأنفال. وقوله : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ) ـ ١٠٢ النساء وقوله (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) ـ ٩٢ النحل. الى غير ذلك من الآيات التي تأمر بكل ما من شأنه أن يجعل كلمة الحق هي العليا ، وكلمة الباطل هي السفلى. وبهذا يتبين معنا ان ذكر الخيل وضبحها ، وقدحها ونقعها انما هو كناية عن إعداد العدة لصيانة الحق والدفاع عن أهله ، وكنى سبحانه بالخيل عن القوة لأنها كانت آنذاك من أبرز مظاهرها.
وقال الشيخ محمد عبده ، وهو يفسر هذه الآيات : أليس غريبا ان أناسا