لقد عانى المسلمون الكثير من الهزائم والاذلال ، وكفى بهزيمة ٥ حزيران وهنا وإذلالا ، والسبب الأول والأخير هو التمزق والتفرق ، والعلاج معروف عند الجميع وهو الوقوف صفا واحدا ضد العدو المشترك الذي حددته حرب حزيران ، وأبرزته واضحا للعيان ، فمن أخلص لله وأراد النصح للإسلام والمسلمين حقا وصدقا فعليه أن يحصر جهوده كلها في العمل من أجل تعاون المسلمين على الخلاص والتحرر من القوى الفاسدة الداخلية والخارجية ، ومتى تمت التصفية وتحققت الحرية الكاملة فكّر المخلصون في دولة إسلامية أو غيرها مما فيه لله رضا ، وللمسلمين صلاح.
وخير ما نؤيد به إشارتنا هذه قول الإمام أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة : «ان المبتدعات المشتبهات هن المهلكات .. وان في سلطان الله عصمة لأمركم ، فأعطوه طاعتكم ... أو لينقلن الله عنكم سلطان الإسلام». وإذا انتقل سلطان الإسلام عن السلف لتفرق أهوائهم وشتات كلمتهم فهل يعود إلينا ونحن أكثر تفرقا وشتاتا؟.
وتسأل : أصحيح ما يقال : ان المصدر لفكرة الدولة الاسلامية هو الصهيونية لتبرر بها دولتها الدينية العنصرية ، وتقول لمن عاب عليها ذلك : ان المسلمين يطالبون أيضا بدولة دينية؟.
الجواب : ان دين اليهود عدو الحياة والانسانية ، لأن الله في عقيدتهم إله قبلي لا يعنيه من العالم أحد سوى إسرائيل وحدها ، وان جميع الناس خلقهم الله عبيدا لهم كما جاء في كتاب «الكنز المرصود» للدكتور يوسف حنا نصر الله ، وكتاب «البقاء اليهودي» للصهيونية روز مارين.
أما الإسلام فهو دين الحياة والرحمة والانسانية جمعاء ، ولا شيء أدل على ذلك من الآيات والأحاديث التي أعلنت بأن الإسلام يهدي للتي هي أقوم ، وانه يرتكز على العقل والفطرة ، وان دعوة الله والرسول انما تجب تلبيتها لأنها تدعو الى حياة أفضل ، ومعنى هذا ان الإسلام علماني عقلاني أي يهتم بالإنسان بما هو انسان أيا كان ولو يهوديا ، شريطة أن لا يعتدي على أخيه الإنسان ... وأين هذا من دين اليهود الذين أسموا أنفسهم شعب الله الخاص؟.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ) لا يرون غير الخزي والهلاك (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)