يشربون الماء العذب واللبن والخمر والعسل المصفى ، وأصحاب النار يشربون حميما وصديدا يغلي في البطون؟.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً)؟. ضمير منهم يعود إلى الناس ، ومن للتبعيض ، والبعض المقصودون هم الكافرون أو المنافقون ، والخطاب في اليك للرسول (ص) ، والذين أوتوا العلم هم علماء أهل الكتاب ، والمعنى ان الذين يحضرون مجلسك يا محمد من الكافرين أو المنافقين يقولون ساخرين حين يخرجون من عندك وبعد أن استمعوا إلى كلام الله ، يقولون لمن حضر معهم من علماء أهل الكتاب : لم نفهم ما ذا قال محمد ونحن في مجلسه الذي فارقناه قريبا ، فهل فهمتم أنتم شيئا؟ .. وهذا ديدن من لا يعجبه شيء إلا ما يعبر عن نزواته وشهواته.
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ). وقوله سبحانه : اتبعوا أهواءهم : يشير إلى جواب عن سؤال مقدر ، وهو لما ذا طبع الله على قلوبهم؟ فأجاب لأن الأهواء رانت على قلوبهم حتى كأن الله قد ختم عليها أو خلقهم من غير قلوب ، وبتعبير الآية ٥ من سورة الصف : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ). (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً). طلب المؤمنون الهداية بصدق وإخلاص ، فكان الله دليلهم وكفيلهم ، وزادهم علما بالخيرات ، وشملهم بعنايته وتوفيقه إلى ما يعود عليهم بالخير دنيا وآخرة ، وهذا هو المراد بقوله تعالى : (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ).
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً). ضمير ينظرون يعود الى الذين قالوا ساخرين بالرسول الأعظم (ص) : ما ذا قال آنفا. قالوا هذا ذاهلين عن يوم القيامة الذي يأخذهم على الغرة ، ويقفون فيه أمام الله لنقاش الحساب وفصل الخطاب (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) الضمير للساعة ، والمراد بالاشراط هنا الدلائل والحجج القاطعة على البعث ، وقد جاءت في كتاب الله وعلى لسان محمد (ص) بشتى الأساليب ، ولم تدع عذرا لمنكر.
(فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ). في الكلام تقديم وتأخير ، والأصل فانّى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة ، والمعنى لقد ذكرهم في الدنيا الرسول الأعظم فلم يتذكروا ، وحين بعثوا ورأوا العذاب تذكروا وندموا ، ولكن حيث لا ينتفعون