الأنفال أي لا تستهينوا بقوتهم واحشدوا لحربهم كل ما تملكون من طاقات بشرية واقتصادية.
(وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) إذا كنتم صفا واحدا ، ويدا واحدة على عدو الله وعدوكم وإلا فشلتم وذهبت ريحكم كما نصت الآية ٤٦ من سورة الأنفال (وَاللهُ مَعَكُمْ) إذا لبيتم دعوته إلى الجهاد بالنفس والنفيس لتكون كلمة الحق هي العليا ، وكلمة الباطل هي السفلى ، أما من يؤثر الدعة والراحة ، ويستسلم للهوان وقوى الضلال والفساد فإن الله يتخلى عنه ، ويكله لمن استسلم له (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ). من أصيب بنفسه أو أهله أو ماله من أجل الدين أو الوطن أو أي حق كان ـ فإن تضحيته هذه لن تذهب سدى ، بل هي عز للدين وللوطن في الحياة الدنيا ، وذخر له في الآخرة عند الله.
وتسأل : ان قوله تعالى : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) يدل بصراحة على ان للقوي أن يبطش بعدوه الضعيف ، ولا يكترث بسلم ولا رحمة. وليس من شك ان هذا يناقض الانسانية والعدالة ، ولا يتفق مع قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) ـ ٢٠٨ البقرة.
الجواب : ان قوله تعالى : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) معناه إذا بليتم بعدو متوحش شرس لا يقيم وزنا للحق والعدالة ، ولا يلتزم بقانون ولا بميثاق ، ولا يفهم إلا بلغة العنف والقوة ، إذا بليتم بهذا العدو فاصمدوا له ولا تهابوه وابطشوا به ، ولا تأخذكم في الحق رأفة ولا هوادة ، فان القضاء عليه قضاء على الشر ، وخير للانسانية جمعاء.
ومن غريب الصدف أن أكتب هذه الكلمات في اليوم (١) الذي أغارت فيه إسرائيل بطائرات الفانتوم الأمريكية وقذائفها ـ على مدرسة بحر البقر الابتدائية بالجمهورية العربية المتحدة ، وقتلت ٤٧ طفلا تتراوح سنهم بين السادسة والثانية عشرة ، ما عدا الجرحى.
والولايات المتحدة الأمريكية هي المسئولة عن قتل وجرح أولئك الصغار ،
__________________
(١). ٨ نيسان سنة ١٩٧٠.