خيبر وخرج حيي بن أخطب الى قريش بمكة وقال لهم : ان محمدا قد وتركم وترنا وأجلانا من المدينة من ديارنا وأموالنا وأجلا بنى عمنا بنى قينقاع فسيروا في الأرض واجمعوا حلفاءكم وغيرهم وسيروا إليهم فانه قد بقي من قومي بيثرب سبعمائة مقاتل وهم بنو قريظة ، وبينهم وبين محمد عهد وميثاق وانا أحملهم على نقض العهد بينهم وبين محمد ، ويكونوا معنا عليهم فتأتون أنتم من فوق وهم من أسفل ، وكان موضع بنى قريظة من المدينة على قدر ميلين ، وهو الموضع الذي يسمى بئر بنى المطلب ، فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه ، والعباس بن مرداس في بنى سليم فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فاستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فقال سلمان رضى الله عنه : يا رسول الله ان القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة (١) ولا يمكنهم ان يأتونا من كل وجه ، فانا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم (٢) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة ، فنزل جبرئيل عليهالسلام على رسول اللهصلىاللهعليهوآله فقال : أشار بصواب ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بحفرة من ناحية أحد الى راتج (٣) وجعل على كل عشرين خطوة وثلثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول ، وبدأ رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول اللهصلىاللهعليهوآله وعيي وقال : لا عيش الا عيش الاخرة ، اللهم ارحم للأنصار والمهاجرين فلما نظر الناس الى رسول الله صلىاللهعليهوآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب ، فلما كان في اليوم الثاني بكروا الى الحفر وقعد رسول الله صلىاللهعليهوآله في مسجد الفتح ، فبينا المهاجرين والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه ، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصار رضى الله عنه الى رسول الله صلىاللهعليهوآله يعلمه بذلك ، قال جابر : فجئت الى المسجد
__________________
(١) المطاولة هنا بمعنى المقاتلة.
(٢) دهمه : غشيه ، والدهم : الداهية.
(٣) اسم موضع.