ورسول الله مستلقى على قفاه ورداءه تحت رأسه وقد شد على بطنه حجرا ، فقلت : يا رسول الله انه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه ، فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ثم شرب ومج في ذلك الماء ثم صبه على ذلك الحجر ، ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها الى قصور الشام ، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة نظرنا فيها الى قصور المدائن ، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى فنظرنا فيها الى قصور اليمن ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اما انه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثم انهال علينا الجبل (١) كما ينهال علينا الرمل ، فقال جابر : فعلمت ان رسول الله صلىاللهعليهوآله مقو ، اى جائع لما رأيت على بطنه الحجر ، فقلت : يا رسول الله هل لك في الغذاء؟ قال : ما عندك يا جابر؟ فقلت عناق (٢) وصاع من شعير. فقال : تقدم وأصلح ما عندك ، قال جابر : فجئت الى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها وأمرتها ان تخبز وتطبخ وتشوى.
فلما فرغت من ذلك جئت الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : بأبى أنت وأمي يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت. فقام صلىاللهعليهوآله الى شفير الخندق ثم قال : يا معاشر المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا قال جابر : فكان في الخندق سبعمائة رجل ، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار الا قال : أجيبوا جابرا قال جابر : فتقدمت وقلت لأهلي : قد والله أتاك محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله بما لا قبل به (٣) فقالت : أعلمته أنت بما عندنا؟ قال : نعم قالت : فهو أعلم بما أتى ، قال جابر : فدخل رسول الله فنظر في القدر ثم قال : أغر في وأبقى ، ثم نظر في التنور ثم قال : اخرجى
__________________
(١) يقال هال عليه التراب فانهال اى صبه فانصب.
(٢) لعناق كسحاب : الأنثى من أولاد المعز قبل استكمالها الحول.
(٣) لا قبل به اى لا طاقة به.