عقب ب (السَّلامُ) للدلالة على العدل في معاملته الخلق ، وهذا احتراس أيضا.
و (الْمُؤْمِنُ) اسم فاعل من آمن الذي همزته للتعدية ، أي جعل غيره آمنا.
فالله هو الذي جعل الأمان في غالب أحوال الموجودات ، إذ خلق نظام المخلوقات بعيدا عن الأخطار والمصائب ، وإنما تعرض للمخلوقات للمصائب بعوارض تتركب من تقارن أو تضاد أو تعارض مصالح ، فيرجع أقواها ويدحض أدناها ، وقد تأتي من جرّاء أفعال الناس.
وذكر وصف (الْمُؤْمِنُ) عقب الأوصاف التي قبله إتمام للاحتراس من توهّم وصفه تعالى ب (الْمَلِكُ) أنه كالملوك المعروفين بالنقائص. فأفيد أولا نزاهة ذاته بوصف (الْقُدُّوسُ) ، ونزاهة تصرفاته المغيّبة عن الغدر والكيد بوصف (الْمُؤْمِنُ) ، ونزاهة تصرفاته الظاهرة عن الجور والظلم بوصف (السَّلامُ).
و (الْمُهَيْمِنُ) : الرقيب بلغة قريش ، والحافظ في لغة بقية العرب.
واختلف في اشتقاقه فقيل : مشتق من أمن الداخل عليه همزة التعدية فصار آمن وأن وزن الوصف مؤيمن قلبت همزته هاء ، ولعل موجب القلب إرادة نقله من الوصف إلى الاسمية بقطع النظر عن معنى الأمن ، بحيث صار كالاسم الجامد. وصار معناه : رقب : (ألا ترى أنه لم يبق فيه معنى إلا من الذين في المؤمن لمّا صار اسما للرقيب والشاهد) ، وهو قلب نادر مثل قلب همزة : أراق إلى الهاء فقالوا : هراق ، وقد وضعه الجوهري في فصل الهمزة من باب النون ووزنه مفعلل اسم فاعل من آمن مثل مدحرج ، فتصريفه مؤأمن بهمزتين بعد الميم الأولى المزيدة ، فأبدلت الهمزة الأولى هاء كما أبدلت همزة أراق فقالوا : هراق.
وقيل : أصله هيمن بمعنى : رقب ، كذا في «لسان العرب» وعليه فالهاء أصلية ووزنه مفيعل. وذكره صاحب «القاموس» في فصل الهاء من باب النون ولم يذكره في فصل الهمزة منه. وذكره الجوهري في فصل الهمزة وفصل الهاء من باب النون مصرحا بأن هاءه أصلها همزة. وعدل الراغب وصاحب «الأساس» عن ذكر. وذلك يشعر بأنهما يريان هاءه مبدلة من الهمزة وأنه مندرج في معاني الأمن.
وفي «المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى» للغزالي (الْمُهَيْمِنُ) في حق الله : القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم ، وإنما قيامه عليهم باطلاعه واستيلائه