ومعنى (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) ، أي الداخلات في جماعة المؤمنين على الجملة والإجمال ، لا يعلمن أصول الإسلام وبيّنه بقوله : (يُبايِعْنَكَ) فهو خبر مراد به الأمر ، أي فليبايعنك وتكون جملة (فَبايِعْهُنَ) تفريعا لجملة (يُبايِعْنَكَ) وليبنى عليها قوله : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ).
وقد شملت الآية التخلي عن خصال في الجاهلية وكانت السرقة فيهن أكثر منها في الرجال. قال الأعرابي لما ولدت زوجه بنتا : والله ما هي بنعم الولد بزّها بكاء ونصرها سرقة.
والمراد بقتل الأولاد أمران : أحدهما الوأد الذي كان يفعله أهل الجاهلية ببناتهم ، وثانيهما إسقاط الأجنة وهو الإجهاض.
وأسند القتل إلى النساء وإن كان بعضه يفعله الرجال لأن النساء كنّ يرضين به أو يسكتن عليه.
والبهتان : الخبر المكذوب الذي لا شبهة لكاذبه فيه لأنه يبهت من ينقل عنه.
والافتراء : اختلاق الكذب ، أي لا يختلقن أخبارا بأشياء لم تقع.
وقوله : (بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) يتعلق ب (يَأْتِينَ) ، وهذا من الكلام الجامع لمعان كثيرة باختلاف محامله من حقيقة ومجاز وكناية ، فالبهتان حقيقته : الإخبار بالكذب وهو مصدر. ويطلق المصدر على اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق.
وحقيقة بين الأيدي والأرجل : أن يكون الكذب حاصلا في مكان يتوسط الأيدي والأرجل فإن كان البهتان على حقيقته وهو الخبر الكاذب كان افتراؤه بين أيديهن وأرجلهن أنه كذب مواجهة في وجه المكذوب عليه كقولها : يا فلانة زنيت مع فلان ، أو سرقت حلي فلانة. لتبهتها في ملأ من الناس ، أو أنت بنت زنا ، أو نحو ذلك.
وإن كان البهتان بمعنى المكذوب كان معنى افترائه بين أيديهن وأرجلهن كناية عن ادعاء الحمل بأن تشرب ما ينفخ بطنها فتوهم زوجها أنها حامل ثم تظهر الطلق وتأتي بولد تلتقطه وتنسبه إلى زوجها لئلا يطلقها ، أو لئلا يرثه عصبته ، فهي تعظم بطنها وهو بين يديها ، ثم إذا وصل إبان إظهار الطلق وضعت الطفل بين رجليها وتحدثت وتحدث الناس بذلك فهو مبهوت عليه. فالافتراء هو ادعاؤها ذلك تأكيدا لمعنى البهتان.