ومعنى يصير إلى المنتهى يتأخر إلى قرب الساعة.
وفي إنجيل يوحنّا في الإصحاح الرابع عشر «إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب فيعطيكم فارقليط آخر يثبت معكم إلى الأبد». و (فارقليط) كلمة رومية ، أي بوانية تطلق بمعنى المدافع أو المسلي ، أي الذي يأتي بما يدفع الأحزان والمصائب ، أي يأتي رحمة ، أي رسول مبشر ، وكلمة آخر صريحة في أنه رسول مثل عيسى.
وفي الإصحاح الرابع عشر «والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل الذي أرسلني. وبهذا كلّمتكم وأنا عندكم (أي مدة وجودي بينكم) ، وأما (الفارقليط) الروح القدسي الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته» (ومعنى «باسمي» أي بصفة الرسالة) لا أتكلم معكم كثيرا لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء ولكن ليفهم العالم أني أحبّ الأب وكما أوصاني الأب أفعل».
وفي الإصحاح الخامس عشر منه «ومتى جاء الفارقليط (١) الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد لي».
وفي هذه الأخبار إثبات أن هذا الرسول المبشر به تعمّ رسالته جميع الأمم في جميع الأرض ، وأنه الخاتم ، وأن لشريعته ملكا لقول إنجيل متّى «هو يكرز ببشارة الملكوت» والملكوت هو الملك ، وأن تعاليمه تتعلق بجميع الأشياء العارضة للناس ، أي شريعته تتعلق أحكامها بجميع الأحوال البشرية ، وجميعها مما تشمله الكلمة التي جاءت على لسان عيسىعليهالسلام وهي كلمة (اسْمُهُ أَحْمَدُ) فكانت من الرموز الإلهية ولكونها مرادة لذلك ذكرها الله تعالى في القرآن تذكيرا وإعلانا.
وذكر القرآن تبشير عيسى بمحمد عليهما الصلاة والسّلام إدماج في خلال المقصود
__________________
(١) لفظ (فارقليط) وقع في تراجم الأناجيل ، وخاصة إنجيل يوحنا كما في طبعة الكتاب المقدّس بعناية (واطس) في لندن سنة ١٨٤٨. وكذلك أثبتها مرارا البقاعي في «نظم الدرر» وغيره. وهو لفظ يوناني أصله (باركليتوس) أوله باء فارسية مخرجها بين الباء والفاء. وتاؤه المثناة مفخمة ولذلك قالوا هي روحية. ووقع في «شرح الشيرازي» على «حكمة الإشراق» للسهروردي أنها عبرية. وهم وهم. ومعناها المدافع وكذلك المسلّي والمعزّي ، أي من الرسل. وبهذا الأخير ترجمت في طبعة الرهبان الأمريكان في بيروت سنة ١٨٩٦ طبعة ثامنة. وقد قيل إن كلمة (فارقليط) تطلق على جبريل ولعل هذا من تأويلات النصارى للتفصّي عن مجيء رسول بعد عيسى.