والإرشاد التي ذكرناها آنفا.
و (عَسى) هنا مستعملة في التحقيق وإيثارها هنا لأن هذا التبديل مجرد فرض وليس بالواقع لأنهن لا يظن بهن عدم الارعواء عما حذرن منه ، وفي قوله : (خَيْراً مِنْكُنَ) تذكير لهن بأنهن ما اكتسبن التفضيل على النساء إلا من فضل زوجهن عند الله وإجراء الأوصاف المفصلة بعد الوصف المجمل وهو (خَيْراً مِنْكُنَ) للتنبيه على أن أصول التفضيل موجودة فيهن فيكمل اللاء يتزوجهن النبي صلىاللهعليهوسلم فضل على بقية النساء بأنهن صرن أزواجا للنبيصلىاللهعليهوسلم.
وهذه الآية إلى قوله : (خَيْراً مِنْكُنَ) نزلت موافقة لقول عمر لابنته حفصة رضياللهعنهما مثل هذا اللفظ وهذا من القرآن الذي نزل وفاقا لقول عمر أو رأيه تنويها بفضله. وقد وردت في حديث في «الصحيحين» واللفظ للبخاري «عن عمر قال : وافقت ربي في ثلاث : قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلّى ، فنزلت (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة : ١٢٥] ، وقلت : «يدخل عليك البرّ والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب» فأنزل الله آية الحجاب. وبلغني معاتبة النبي بعض نسائه فدخلت عليهن فقلت : إن انتهيتن أو ليبدلنّ الله رسوله خيرا منكن فأنزل الله (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ) الآية.
وهي موعظة بأن يأذن الله له بطلاقهن وأنه تصير له أزواج خير منهن.
وهذا إشارة إلى المعنى السادس عشر من مواعظ هذه الآي.
وقرأ الجمهور (أَنْ يُبْدِلَهُ) بتشديد الدال مضارع بدّل. وقرأه يعقوب بتخفيف مضارع أبدل.
والمسلمات : المتصفات بالإسلام. والمؤمنات : المصدّقات في نفوسهن. والقانتات : القائمات بالطاعة أحسن قيام. وتقدم القنوت في قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) في سورة البقرة [٢٣٨]. وقوله : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) في سورة الأحزاب [٣١].
وفي هذا الوصف إشعار بأنهن مطيعات لله ورسوله ففيه تعريض لما وقع من تقصير إحداهن في ذلك فعاتبها الله وأيقظها للتوبة.
والتائبات : المقلعات عن الذنب إذا وقعن فيه. وفيه تعريض بإعادة التحريض على التوبة من ذنبهما التي أمرتا بها بقوله : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) [التحريم : ٤].