إحصان فرجها ، أي بأن كوّن الله فيه نبيئا بصفة خارقة للعادة فخلد بذلك ذكرها في الصالحات.
والنفخ : مستعار لسرعة إبداع الحياة في المكوّن في رحمها. وإضافة الروح إلى ضمير الجلالة لأن تكوين المخلوق الحيّ في رحمها كان دون الأسباب المعتادة ، أو أريد بالروح الملك الذي يؤمر بنفخ الأرواح في الأجنة ، فعلى الأول تكون (مِنْ) تبعيضية ، وعلى الثاني تكون ابتدائية ، وتقدم قوله تعالى : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) في سورة الأنبياء [٩١].
وتصديقها : يقينها بأن ما أبلغ إليها الملك من إرادة الله حملها.
و (بِكَلِماتِ رَبِّها) : هي الكلمات التي ألقاها إليها بطريق الوحي.
و (وَكُتُبِهِ) يجوز أن يكون المراد به «الإنجيل» الذي جاء به ابنها عيسى وهو إن لم يكن مكتوبا في زمن عيسى فقد كتبه الحواريون في حياة مريم.
ويجوز أن يراد ب (كُتُبِهِ) ، أراده الله وقدّره أن تحمل من دون مس رجل إياها من باب وكان كتابا مفعولا.
والقانت : المتمحض للطاعة. يجوز أن يكون و (مِنْ) للابتداء.
والمراد بالقانتين : المكثرون من العبادة. والمعنى أنها كانت سليلة قوم صالحين ، أي فجاءت على طريقة أصولها في الخير والعفاف.
وهل ينبت الخطّي إلا وشيجة
وهذا إيماء إلى تبرئتها مما رماها به القوم البهت.
وهذا نظير قوله تعالى : (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) [النور : ٢٦].
ويجوز أن تجعل (مِنْ) للتبعيض ، أي هي بعض من قنت لله. وغلبت صيغة جمع الذكور ولم يقل : من القانتات ، جريا على طريقة التغليب وهو من تخريج الكلام على مقتضى الظاهر. وهذه الآية مثال في علم المعاني.
ونكتته هنا الإشارة إلى أنها في عداد أهل الإكثار من العبادة وأن شأن ذلك أن يكون للرجال لأن نساء بني إسرائيل كن معفيات من عبادات كثيرة.