علفتها تبنا وماء باردا (١)
وقول عبد الله بن الزّبعري :
يا ليت زوجك قد غدا |
|
متقلدا سيفا ورمحا |
أي وممسكا رمحا وهو الذي درج عليه في «الكشاف». وقيل الواو للمعية. و (الْإِيمانَ) مفعول معه.
وعندي أن هذا أحسن الوجوه ، وإن قلّ قائلوه. والجمهور يجعلون النصب على المفعول معه سماعيا فهو عندهم قليل الاستعمال فتجنبوا تخريج آيات القرآن عليه حتى ادعى ابن هشام في «مغني اللبيب» أنه غير واقع في القرآن بيقين. وتأول قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) [يونس : ٧١] ، ذلك لأن جمهور البصريين يشترطون أن يكون العامل في المفعول معه هو العامل في الاسم الذي صاحبه ولا يرون واو المعية ناصبة المفعول معه خلافا للكوفيين والأخفش فإن الواو عندهم بمعنى (مع). وقال عبد القاهر : منصوب بالواو.
والحق عدم التزام أن يكون المفعول معه معمولا للفعل ، ألا ترى صحة قول القائل : استوى الماء والخشبة. وقولهم : سرت والنيل ، وهو يفيد الثناء عليهم بأن دار الهجرة دارهم آووا إليها المهاجرين لأنها دار مؤمنين لا يماثلها يومئذ غيرها.
وبذلك يتضح أن متعلق (مِنْ قَبْلِهِمْ) فعل (تَبَوَّؤُا) بمفرده ، وأن المجرور المتعلق به قيد فيه دون ما ذكر بعد الواو لأن الواو ليست واو عطف فلذلك لا تكون قائمة مقام الفعل السابق لأن واو المعية في معنى ظرف فلا يعلق بها مجرور.
وفي ذكر الدار (وهي المدينة) مع ذكر الإيمان إيماء إلى فضيلة المدينة بحيث جعل تبوّؤهم المدينة قرين الثناء عليهم بالإيمان ولعل هذا هو الذي عناه مالك رحمهالله فيما رواه عنه ابن وهب قال : سمعت مالكا يذكر فضل المدينة على غيرها من الآفاق. فقال :
__________________
(١) هو من شواهد النحو. والمشهور أن تمامه :
حتى شتت همّالة عيناها.
وفي خزانة الأدب عن حاشية الشيرازي واليمني «للكشاف» : أنه عجز رجزا وأن صدره : لما حططت الرّجل عنها وأراد.
قال : ورأيت في حاشية نسخة صحيحة من «صحاح الجوهري» أنه لذي الرمة ولم أجده في ديوانه.