بما سيحدث أو اطلاع على ضمائر بعض الناس.
فقوله : (ارْتَضى) مستثنى من عموم (أَحَداً). والتقدير : إلّا أحدا ارتضاه ، أي اختاره للاطلاع على شيء من الغيب لحكمة أرادها الله تعالى.
والإتيان بالموصول والصلة في قوله : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) لقصد ما تؤذن به الصلة من الإيماء إلى تعليل الخبر ، أي يطلع الله بعض رسله لأجل ما أراده الله من الرسالة إلى النّاس ، فيعلم من هذا الإيمان أن الغيب الذي يطلع الله عليه الرسل هو من نوع ما له تعلق بالرسالة ، وهو غيب ما أراد الله إبلاغه إلى الخلق أن يعتقدوه أو أن يفعلوه ، وما له تعلق بذلك من الوعد والوعيد من أمور الآخرة ، أو أمور الدنيا ، وما يؤيد به الرسل عن الإخبار بأمور مغيبة كقوله تعالى : (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) [الروم [٢ ـ ٤].
والمراد بهذا الاطلاع المحقق المفيد علما كعلم المشاهدة. فلا تشمل الآية ما قد يحصل لبعض الصالحين من شرح صدر بالرؤيا الصادقة ، ففي الحديث : «الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوءة ، أو بالإلهام». قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «قد كان يكون في الأمم قبلكم محدّثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم» رواه مسلم. قال مسلم : قال ابن وهب : تفسير محدثون : ملهمون.
وقد قال مالك في الرؤيا الحسنة : أنها تسرّ ولا تغرّ ، يريد لأنها قد يقع الخطأ في تأويلها.
و (مِنْ رَسُولٍ) بيان لإبهام (مَنِ) الموصولة ، فدل على أن ما صدق (مَنِ) جماعة من الرسل ، أي إلّا الرسل الذين ارتضاهم ، أي اصطفاهم.
وشمل (رَسُولٍ) كلّ مرسل من الله تعالى فيشمل الملائكة المرسلين إلى الرسل بإبلاغ وحي إليهم مثل جبريل عليهالسلام. وشمل الرسل من البشر المرسلين إلى الناس بإبلاغ أمر الله تعالى إليهم من شريعة أو غيرها مما به صلاحهم.
وهنا أربعة ضمائر غيبة :
الأول ضمير (فَإِنَّهُ) وهو عائد إلى الله تعالى.
والثاني الضمير المستتر في (يَسْلُكُ) وهو لا محالة عائد إلى الله تعالى كما عاد إليه