والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله (١) وذكر في كنز العمال من اخرج نحو معناه عن حذيفة وأبي بكره وجرير عن رسول الله (ص) وعن الرضا (ع) ايضا لتأمرنّ بالمعروف ولتنهن عن المنكر او ليستعملن الله عليكم شراركم (٢) فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم (٣) وذكر في كنز العمال من اخرج هذا المعنى ونحوه عن ابن مسعود وحذيفة. وأبي هريرة وعائشة عن رسول الله (ص). وقد جمع في الوسائل وكنز العمال في باب الأمر بالمعروف جملة من الأحاديث فلتراجع. وفي المقام مسائل ـ الأولى ـ انه وان كان الظاهر بحسب اللغة كون الدعوة والأمر والنهي ما كان باللسان. ولكن المعلوم من مغزى الآية وفحواها ووجهة إصلاحها وقرائنها من الشريعة هو ان المراد ما يكون باعثا على الانقياد لفعل المعروف ورادعا عن المنكر من القول والفعل والوسائل المحصلة لذلك حتى الإلجاء لكن بعض الوسائل الفعلية تحتاج إلى الاذن من ولي الأمر سلطان الوقت او من ينوب منابه ـ الثانية ـ ذهب الشيخ في التبيان والحلي في السرائر وحكي عن المرتضى والحلبي والقاضي والطوسي في التجريد والعلامة وكثير من غيرهم ونقلت حكاية الشيخ له عن جماعة انهما يجبان على الكفاية بمعنى انهما يجبان على كل مكلف لم يفقد شرط الوجوب لكنهما يسقطان بقيام من به الكفاية او نهوضه لهما مع المراعاة بحصول الغرض. وهذا هو المفهوم من المقام وأمثاله مما يكون التكليف فيه لغرض يتعلق بغير المكلف. وهو الظاهر من الآية ورواية مسعدة المشار إليها. وفي نهاية الشيخ والوسيلة وحكى عن بعض المتأخرين انهما من فروض الأعيان وذكر في المختلف احتجاج الشيخ له بالآية وبعض الروايات الواردة في الباب «ويدفعه» ان الآية ظاهرة في فرض الكفاية والروايات لا تنافي ذلك. هذا وإذا احتاج الواجب الى تعاون جماعة وجب على كل مكلف به أن يهيأ نفسه للانضمام الى من يعاونه بل ويدعو الى ذلك ـ الثالث ـ يشترط في وجوبهما جواز التأثير.
__________________
(١) وقاع كوقائع جمع واقعة وهي النازلة الشديدة. ويحتمل أن تكون مصدر واقع بمعنى حارب كحراب بمعنى المحاربة.
(٢) أي لا يحول بلطفه دون استيلائهم عليكم بل يخذلكم ويترك أمرهم لمجرى الأسباب العادية والمقادير فكنى عن ذلك بالاستعمال لما للطفه جلت آلاؤه من الأثر في صد الأسباب عن مجاريها
(٣) سموا خيارا بظاهر الحال فإنهم عصاة بتضييعهم لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذا لا يستجاب دعاؤهم