وقال ابن إدريس : لا يضمن مع العلم والاجتهاد؛ للأصل ، ولسقوطه بإذنه ، ولأ نّه فعل سائغ شرعاً فلا يستعقب ضماناً (١).
وفيه : أنّ أصالة البراءة تنقطع بدليل الشغل ، والإذن في العلاج لا في الإتلاف ، ولا منافاة بين الجواز والضمان ، كالضارب للتأديب ، وقد رُوي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام ضمَّن ختّاناً قطع حشفة غلام (٢) والأولى الاعتماد على الإجماع ، فقد نقله المصنّف في الشرح (٣) وجماعة (٤) لا على الرواية؛ لضعف سندها بالسكوني.
(ولو أبرأه) المعالَجُ من الجناية قبل وقوعها (فالأقرب الصحّة) لمسيس الحاجة إلى مثل ذلك؛ إذ لا غنى عن العلاج ، وإذا عرف الطبيب أنّه لا مخلص له عن الضمان توقّف عن العمل مع الضرورة إليه ، فوجب في الحكمة شرع الإبراء دفعاً للضرورة. ولرواية السكوني عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه السلام : من تطبَّب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه وإلّا فهو ضامن» (٥) وإنّما ذكر الوليّ؛ لأنّه هو المطالب على تقدير التلف ، فلمّا شُرع الإبراء قبل الاستقرار صُرف إلى من يتولّى المطالبة. وظاهر العبارة أنّ المبرئ المريضُ. وحكمه كذلك؛ للعلّة الاُولى. ويمكن تكلّف إدخاله في الوليّ (٦)
__________________
(١) لم نعثر عليه بعينه ، وانظر السرائر ٣ : ٣٧٣.
(٢) الوسائل ١٩ : ١٩٥ ، الباب ٢٤ من أبواب موجبات الضمان ، الحديث ٢.
(٣) غاية المراد ٤ : ٤٤٨ ، نقله عن النكت.
(٤) منهم السيّد ابن زهرة في الغنية : ٤١٠ ـ ٤١١ ، والمحقّق في نكت النهاية ٣ : ٤٢١.
(٥) الوسائل ١٩ : ١٩٤ ، الباب ٢٤ من أبواب موجبات الضمان ، الحديث الأوّل.
(٦) المذكور في الخبر ، بأن يقال : إنّه وليّ نفسه؛ لأنّه يتولّى المطالبة إذا كانت الجناية غير القتل.