عدوتان ، إحداهما خصبة والأخرى جدبة ، أليس يرعى من رعى الجدبة بقدر الله ويرعى من رعى الخصبة بقدر الله ، ثم قال : لو غيرك يقول هذا يا أبا عبيدة ، فبينا الناس على ذلك إذ أتى عبد الرحمن بن عوف ، وقال : سمعت رسول الله يقول إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع وأنتم به فلا تخرجوا فرارا منه ولا يخرجنّكم إلا ذلك ثم انصرف عمر وانصرفوا (١).
وروى الواقدي أيضا عن أم الحارث الأنصارية أنها رأت عمر بن الخطّاب في وقعة حنين عند ما انهزم المسلمون ، فقالت له : ما هذا؟
قال عمر : أمر الله (٢).
ولم يقتصر القول بالجبر على عمر ، بل تعدّاه إلى جماعة كمعاوية وبعض من أزواج النبي كعائشة ، فيروى أن عائشة قالت عند ما تعرّض الخوارج للإمام عليّ عليهالسلام في النهروان : «ما يمنعني ما بيني وبين عليّ أن أقول الحق ، سمعت النبيّ يقول : تفترق أمتي على فرقتين ، تمرق بينهما فرقة محلّقون رءوسهم يحفون شواربهم ، أزرهم إلى أنصاف سوقهم ، يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم ، يقتلهم أحبّهم إليّ وأحبّهم إلى الله ، فقال لها قتادة : يا أمّ المؤمنين فأنت تعلمين هذا ، فلم كان الذي منك؟
قالت : يا قتادة (وكان أمر الله قدرا مقدورا) وللقدر أسباب ...» (٣).
ولمّا اعترض عبد الله بن عمر على معاوية عند ما نصّب ولده يزيد خليفة من بعده قال له : «إني أحذّرك أن تشق عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملئهم وأن تسفك دماءهم ، وإنّ أمر يزيد قد كان قضاء من القضاء ، وليس للعباد خيرة من أمرهم» (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٣ / ١٥٩ باختصار.
(٢) المغازي للواقدي ج ٣ / ٦٠٤.
(٣) الأوائل ج ٢ / ١٢٥.
(٤) الإمامة والسياسة ج ١ / ٢١٠.