على أن يفتدي طلاع الأرض ذهبا حرصا على أن لا يعذّبه الله تعالى؟! وهل الخوف على الصحابة جزاؤه عند الله تعالى أن يدخل عمر النار؟! أم أنه يخاف النار لأنه اعتدى على الحرمات وغيّر وبدّل بشريعة النبيّ وفعل ما فعل بوصي رسول الله ، وكسّر ما كسّر من أضلاع بضعته الطاهرة فاطمة البتول وقرة عينه ومهجة كبده وتفاحة الفردوس ، وأمّ المصطفى وحبيبة المرتضى؟!! هيهات أن ينجو بما فعل ، قال تعالى : (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (١).
وكيف لا يزال الشيطان يسلك فجّا غير فجّه ، وقد فرّ فرارا من الزحف في أحد وحنين وخيبر ، والفرار من الزحف من عمل الشيطان وإحدى الكبائر الموبقة! وكيف يدّعى له أن السكينة تنطق على لسانه! أترى كانت السكينة تلاحي رسول الله يوم الحديبية حتى أغضبه؟!
ولو كان ينطق على لسانه ملك أو بين عينيه ملك يسدده ويوفّقه ، أو ضرب الله بالحق على لسانه وقلبه ، لكان نظيرا لرسول الله بل لكان أفضل منه ، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يؤدي الرسالة إلى الأمة عن ملك من الملائكة ، وعمر قد كان ينطق على لسانه ملك ، بل كان هناك ملك آخر بين عينيه يسدّده ويوفقه ، فالملك الثاني مما قد فضّل به على رسول الله ، وقد كان حكم في أشياء فأخطأ فيها حتى فهّمه إياها أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، حتى قال : لو لا عليّ لهلك عمر ، وكان يشكل عليه الحكم فيقول لابن عبّاس : غص يا غوّاص (٢) ، فيفرج عنه ، فأين كان الملك الثاني المسدّد له! وأين الحق الذي ضرب به على لسان عمر؟ ومعلوم أن رسول الله كان ينتظر في الوقائع نزول الوحي ، وعمر على مقتضى هذه الأخبار لا حاجة به إلى نزول ملك عليه ، لأن الملكين معه في كل وقت وكل حال ، ملك ينطق على لسانه وملك آخر بين عينيه يسدّده ويوفقه ، وقد عزّزا بثالث وهي السكينة ، فهو إذا أفضل من رسول الله!!
__________________
(١) سورة ص : ٣.
(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٢ / ٣٠٨.