والحزن ـ حسبما ادّعي ـ بل هو إما سرور لكونه أقيم عليه الحد ، وإما حزن باعتباره ـ أي عثمان ـ غير مستحق للقتل.
هذا مضافا إلى معارضة الخبر لأخبار أخر كقول الإمام عليهالسلام : «ألا من كان سائلا عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه» وكيفية الجمع بين قوله عليهالسلام : ما أمرت بذلك ولا نهيت عنه» وبين ما تقدم ، أن قاتلي عثمان لم يرجعوا في قتله إلى الإمام عليهالسلام ولم يكن منه قول في ذلك بأمر ولا نهي ، ومعنى أن الله قتله» إن الله حكم بقتله وأوجب وأنا كذلك ، وقد جمع الشيخ الطوسي بين هذه الوجوه المتعارضة في تلخيص الشافي.
الثانية : من أين أثبت سماحة السيّد «أن الحديث شريف»؟ مع أن الحديث المذكور ضعيف من الناحية السندية والدلالتية ، أما من حيث السند فلكونه من المراسيل (١) الضعاف ، وأما من حيث الدلالة فلكونه من مبتدعات أبي بكر عند ما احتج أمير المؤمنين عليهالسلام بثلاث وأربعين خصلة ، فقد ورد عن مولانا الإمام السجّاد عليهالسلام قال : لمّا كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ما كان لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه انقباضا فكبر ذلك على أبي بكر فأحبّ لقاءه واستخراج ما عنده والمعذرة إليه لمّا اجتمع الناس إليه وتقليدهم إياه أمر الأمّة وقلّة رغبته في ذلك وزهده فيه ، أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة وقال له : والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطاة منّي ، ولا رغبة فيما وقعت فيه ، ولا حرصا عليه ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمّة ولا قوّة لي لمال ولا كثرة العشيرة ولا ابتزاز له دون غيري فمالك تضمر عليّ ما لم أستحقّه منك وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه وتنظر إليّ بعين السأمة مني؟ قال : فقال له عليهالسلام : فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه ولا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به ، وبما يحتاج منك فيه ، فقال أبو بكر : حديث سمعته من رسول الله :
__________________
(١) لاحظ ما قاله المحقق الخوئي في مصباح الأصول ج ٢ / ١٣٩.