كان يرتزق من بيت المال ، وغيرها من الفضائل التي أصبغوها عليه ، نجده قد أصدق زوجته أربعين ألف درهم أو دينار ، وقيل مائة ألف ، كما أنه أعطى صهرا له قدم عليه من مكّة عشرة آلاف درهم من صلب ماله ، وقد ملك أربعة آلاف فرس ، إلى غير ذلك مما يجده المتتبع لمسيرة الثلاثة.
كما أن عمر بن الخطّاب قد حاول أخذ الجزية من رجل أسلم ، على اعتبار أنه : إنما أسلم متعوذا ، فقال له ذلك الشخص : إن في الإسلام لمعاذا! فقال عمر : صدقت أن في الإسلام لمعاذا.
وها ذاك خالد بن الوليد ـ سيف الشيطان المسلول على المؤمنين الموحّدين لا سيّما الصدّيقة الطاهرة الزكية فاطمة عليهاالسلام ـ لعن الله من ظلمها وآذاها ـ يخاطب جنوده ويرغّبهم بأرض السواد : «ألا ترون إلى الطعام كرفغ التراب؟ وبالله ، لو لم يلزمنا الجهاد في الله ، والدعاء إلى اللهعزوجل ، ولم يكن إلّا المعاش لكان الرأي : أن نقارع على هذا الريف ، حتى نكون أولى به ، ونولي الجوع والإقلال من تولّى ، ممن إثّاقل عما أنتم عليه» (١).
وعلى كل حال ، فإن الحرب من أجل الغنائم والأموال (٢) ، كانت هي الصفة المميزة لأكثر تلك الفتوحات ، ويشهد له ما رواه أبو نعيم والحسن بن سفيان عن الحارث بن مسلم التميمي : أن النبيّ أرسل بعض الصحابة في سرية وأنا معهم ، فلمّا بلغنا المغار استحثثت فرسي وسبقت أصحابي ، واستقبلنا الحي بالرنين ، فقلت لهم : قولوا لا إله إلا الله تحرزوا؟ فقالوها. فجاء أصحابي ، فلاموني ، وقالوا : حرمتنا الغنيمة بعد أن بردت في أيدينا ، فلمّا قفلنا ، ذكروا ذلك لرسول الله ، فدعاني ، فحسّن ما صنعت وقال : أما إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا ..»(٣).
__________________
(١) العراق في العصر الأموي ص ١١. والرّفغ : سعة العيش وطيبه.
(٢) لاحظ الكامل في التاريخ ج ٢ تجد الكثير فيه.
(٣) كنز العمال ج ١٥ / ٣٣٠.