لو لا المخافة أن يكون معرة |
|
لوجدتني سمحا بذاك مبينا (١) |
ولمّا جمع أبو طالب بني هاشم وبني عبد المطلب في شعبه وكانوا أربعين رجلا ، فحلف أبو طالب لئن شاكت محمّدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم ، وحصّن الشعب وكان يحرسه بالليل والنهار ، وفي ذلك يقول :
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا |
|
نبيّا كموسى خطّ في أوّل الكتب |
أليس أبونا هاشم شدّ أزره |
|
وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب |
وأن الذي علّقتم من كتابكم |
|
يكون لك يوما كراغية السقب |
أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى |
|
ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب (٢) |
هذه جملة من شعر أبي طالب عليهالسلام الطافح من كلّ شطره الإيمان الخالص ، والإسلام الصحيح. قال العلّامة ابن شهرآشوب المازندراني في كتابه متشابهات القرآن عند قوله تعالى : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) في سورة الحج : إن أشعار أبي طالب الدالة على إيمانه تزيد على ثلاثة آلاف بيت يكاشف فيها من يكاشف النبيّ ويصحّح نبوته.
والعجب كيف لا تكون كثرة أشعاره دليلا ـ عند المعاندين ـ على إيمانه وإسلامه؟ ولو وجد واحد منها في شعر أي واحد من كبرائهم وساداتهم أو نثره لأصفق الكلّ على إسلامه ، لكن جميعها لا يدل على إسلام أبي طالب بنظر المعاندين.
ولا عجب من هذا أن القوم زمّروا لإسلام أبوي أبي بكر دون أبوي رسول الله والإمام عليّ ، وذلك بعد أن عجزوا عن الوقيعة في الولد فوجّهوها إلى والديه ، مع أن سيرته لو اتصف بشطر منها أبو قحافة لعلّقوها على الأعواد تتلى على الناس سرا وجهرا ، ولكنّه أبو طالب سيّد البطحاء وكفيل صاحب الرسالة ، ودرعه من كل سوء
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٣٥ / ٨٧.
(٢) نفس المصدر ص ٩٢.