ذلك ، ولكن رسول الله قال بعد ذلك ، لا يجتمع لأهل بيتي النبوّة والخلافة ، فقال : والله ما قال هذا رسول الله ، والله لا سكنت في بلدة أنت فيها أمير! فأمر به عمر فضرب وطرد.
ثم قال : قم يا ابن أبي طالب ، فبايع! فقال : فإن لم أفعل؟ قال : إذا والله نضرب عنقك! فاحتج عليهم ثلاث مرات ، ثم مدّ يده من غير أن يفتح كفه ، فضرب عليها أبو بكر ورضي بذلك منه ، فنادى عليّ عليهالسلام قبل أن يبايع والحبل في عنقه : (قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) (١).
وقيل للزبير : بايع ، فأبى ، فوثب إليه عمر وخالد والمغيرة بن شعبة في أناس ، فانتزعوا سيفه فضربوا به الأرض حتى كسروه ، ثم لبّبوه ، فقال الزبير وعمر على صدره : يا ابن صهّاك! أما والله لو أن سيفي في يدي لحدت عني ، ثم بايع.
قال سلمان : ثم أخذوني فوجئوا عنقي حتى تركوها كالسلعة ، ثم أخذوا يدي فبايعت مكرها ، ثم بايع أبو ذر والمقداد مكرهين ، وما بايع أحد من الأمة مكرها غير عليّ عليهالسلام وأربعتنا ، ولم يكن منا أحد أشدّ قولا من الزبير ، فإنه لمّا بايع قال : يا ابن صهّاك! أما والله لو لا هؤلاء الطغاة الذين أعانوك ، لما كنت تقدم عليّ ومعي سيفي ، لما أعرف من جبنك ولؤمك ، ولكن وجدت طغاة تقوى بهم وتصول.
فغضب عمر وقال : أتذكر صهّاك؟ فقال : [ومن صهّاك] وما يمنعني من ذكرها؟ وقد كانت صهّاك زانية ، أو تنكر ذلك؟! أو ليس كانت أمة حبشية لجدّي عبد المطلب فزنى بها جدّك نفيل فولدت أباك الخطّاب فوهبها عبد المطلب لجدّك بعد ما زنى بها فولدته ، وأنه لعبد لجدّي ولد زنى؟ (٢).
ثم إن مولاتنا الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام بلغها أن أبا بكر قبض فدك ، فخرجت في نساء بني هاشم حتى دخلت على أبي بكر ، فقالت : يا أبا بكر ، تريد أن تأخذ
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٥٠.
(٢) كتاب سليم ص ٧٠ ـ ٨٠ ، وص ٢٣١ ط / دار الإرشاد ، وج ٢ / ٥٧٧ ـ ٥٩٤.