جانبه الأيمن ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ما ترى أحدا من هؤلاء إلا بكيت أو ما فيه من تسرّ برؤيته؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : والذي بعثني بالحق نبيّا وبشيرا ونذيرا واصطفاني على جميع البرية إني وإياهم لأكرم الخلق على الله عزوجل ، وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليّ منهم ، أمّا عليّ بن أبي طالب فإنه أخي وشقيقي وصاحب الأمر بعدي وصاحي لوائي في الدنيا والآخرة وصاحب حوضي وشفاعتي وهو مولى كلّ مؤمن وقائد كلّ تقي وهو وصيي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد مماتي ، محبته محبتي ، ومبغضه مبغضي وبولايته صارت أمتي مرحومة ، وبعد وفاتي صارت بالمخالفة له ملعونة ، فإني بكيت حين أقبل لأني ذكرت غدر الأمة به بعدي حتى أنه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي ثم لا يزال الأمر به حتى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان ، وأمّا ابنتي فاطمة فإنها سيّدة نساء العالمين الأولين والآخرين وهي بضعة مني وهي نور عيني وثمرة فؤادي وهي روحي التي بين جنبيّ وهي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جلّ جلاله زهر نورها للملائكة في السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض فيقول الله عزوجل للملائكة : يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة نساء خلقي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار ، وأني لمّا رأيتها تذكرت (١) ما يصنع بها بعدي وكأني وقد دخل عليها الذل في بيتها وانتهكت حرمتها وغصبت حقّها ومنعت إرثها ، وكسر جنبها ، وسقط جنينها وهي تنادي وا محمداه فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ... إلى أن يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم عليّ محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ،
__________________
(١) ليس معنى «تذكره» عليه وآله السلام أنه كان غافلا عمّا سيجري عليها ، لأن الغفلة رجس دفعه الله تعالى عن النبي وعترته الطاهرة ، لكن المعنى : تجدّد أو تأكد حزني عليها ، فتأمل.