الجنّة فجاء أمير المؤمنين عليهالسلام يشهد لها ، فقال : هذا بعلك وإنما يجر إلى نفسه ، وهم قد رووا جميعا أن رسول الله قال : عليّ مع الحق ، والحق مع عليّ يدور معه حيث دار ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، هذا مع ما أخبر الله به من تطهيره لعليّ وفاطمة عليهاالسلام من الرجس ، وجميع الباطن بجميع وجوهه رجس ، فمن توهم أن عليّا وفاطمة عليهاالسلام يدخلان من بعد هذا الإخبار من الله في شيء من الكذب والباطل على غفلة أو تعمد فقد كذّب الله ، ومن كذّب الله فقد كفر بغير خلاف ، فغضبت فاطمة عليهاالسلام عند ذلك فانصرفت من عنده وحلفت أنها لا تكلمه وصاحبه حتى لتقى أباها فتشكو إليه ما صنعا بها فلمّا حضرتها الوفاة أوصت عليّا عليهالسلام أن يدفنها ليلا لئلا يصلّي عليها أحد منهم ، ففعل ذلك ، فجاءوا من الغد يسألون عنها فعرفهم أنه قد دفنها ، فقالوا له : ما حملك على ما صنعت؟ قال عليهالسلام : أوصتني بذلك فكرهت أن أخالف وصيّتها وهم قد رووا جميعا أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله عزوجل ...» (١).
وقال قدّس الله سرّه الشريف : «ورووا كذلك جميعا أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لفاطمةعليهاالسلام: يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ، فإذا كان رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قد أخبر أنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها وأنّ من آذاها فقد آذى رسول الله ومن آذى رسول الله فقد آذى الله ، وقد دلّ دفنها بالليل من غير أن يصلّي عليها أحد منهم أو من أوليائهم أنّ ذلك كان منها غضبا عليهم بما اجترءوا عليها وظلموها ، وإذا كان ذلك كذلك فقد غضب الله عليهم الأمر بعد أن آذوها فإذا قد آذوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأذاهم إياها وقد آذوا الله عزوجل بأذاهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ الله عزوجل يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٢).
__________________
(١) كتاب الاستغاثة ص ١٢ ـ ١٤.
(٢) سورة الأحزاب : ٥٧.