ثالثا : إن الأحاديث التي أشارت إلى أن «الأئمة ثلاثة عشر» قابلة للتأويل ، وكلّ ما كان قابلا للتأويل من الأخبار يجب الأخذ به وإلّا فلا ، وعليه فإن الحديثين المتقدّمين رقم ١٦ و ٢٥ الوارد فيهما الألفاظ التالية : «ثلاثة عشر رجلا» و «ثلاثة عشر إنسانا» يفسران بمقام الإمامة بإضافة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليهم ، فالرسول بالإضافة إلى كونه رسولا ، له مقام آخر هو مقام الإمامة تماما كما كان لجدّه إبراهيم الخليل عليهالسلام حيث شرّفه الله تعالى بمقام الإمامة بعد أن كان رسولا.
وأما الحديث رقم ٤٥ المتقدّم ، والذي ترتكز المناقشة في رجوع الضمير في «بعدنا» إلى رسول الله وأمير المؤمنين عليهماالسلام ، وذكر «اثنا عشر وصيّا» بعدهما يرجع إلى تعيين مقام الوصاية من الله تعالى على العباد ، ونريد «بالوصاية» هنا الولاية الإلهية لآل محمّد ، وعليه : فلا إشكال في العبارة بأن تكون مولاتنا الصدّيقة الطاهرة عليهاالسلام ضمن الاثني عشر بعد رسول الله وأمير المؤمنينعليهمالسلام ، وذلك أن موضوع الحديث هو من اختارهم الله وليّا لنفسه عند ابتداء خلقه من بين جميع أهل الأرض ، والذين جعلهم خيار أمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
بل لا بدّ وأن يكون المذكورون اثني عشر شخصا ليشمل الصدّيقة الطاهرة سلام الله عليها ، فإنّا نعتقد بعصمتها وأنها صاحبة الولاية الإلهية إلّا أنها ليست بإمام. فالمعنى أن رسول الله يقول: إن الله تعالى بعد ما اختارنا (أي محمّدا وعليّا) من بين خلقه اختار اثني عشر وليّا وهم فاطمة وأحد عشر شخصا من ولده المعصومين ، فجعلهم خيار أمتي واحدا بعد واحد.
رابعا : إن اشتمال كتاب على أمر باطل في مورد أو موردين لا يدل على وضعه ، كيف ويوجد ذلك في أكثر الكتب حتى في كتاب الكافي الذي هو أمتن كتب الحديث وأتقنها (١). فقد جاء في الكافي في باب النصّ على الاثني عشر في خبر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من ولدي اثنا عشر نقباء نجباء مفهّمون آخرهم القائم
__________________
(١) معجم رجال الحديث للخوئي ج ٨ / ٢٢٥.