من خلف الباب فكان جزاؤها أن تلصق أحشاؤها بين الحائط والباب.
(٤) أن فضة تكلّمت مع القوم حسبما تصف رواية الخصيبي أعلى الله مقامه لكنّ عمر جابهها بالسبّ والشتم ، قالت فضة : إن أمير المؤمنين عنكم مشغول والحق له لو أنصفتموه واتقيتم الله ورسوله ، فسبها عمر ، وجمع الحطب الجزل على الباب لإحراق أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم [ورقية] (١) وفضة وإضرامهم النار على الباب ، وخروج فاطمةعليهاالسلام وخطابها لهم من وراء الباب ..» (٢).
فدعوى أنه لم لم يكلّمهم أحد غير الصدّيقة مردودة على أصحابها لما تقدم آنفا ، فلا بدّ إذن من الحكم بأن خطاب الصدّيقة لهم كان حجة على القوم وعلى عامة المسلمين الذين كانوا من الكثرة ما يمنع من الاعتداء على بضعة المصطفى فاطمة عليهاالسلام ، لكنّهم تخاذلوا ووقفوا على بابها يتفرجون كيف يقتحم عمر بن الخطاب الباب على ابنة النبيّ محمّد ، لا لجرم ارتكبته ـ وحاشاها ثم حاشاها ـ وإنما لأجل أحقاد تغلغلت في صدور قوم منافقين.
فالصدّيقة الشهيدة عليهاالسلام التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها ، حفظت بعملها الرائع الإسلام من مخالب الحاقدين ، كما أنها حفظت الإمامة المطلقة من التجنّي والتزوير ، ومكّنت الناس حتى غير المسلمين من اكتشاف الحقيقة ، سواء من عاش منهم في ذلك العصر أو الذين جاءوا ويجيئون بعد ذلك ، ومن هنا أوصت ألّا يصلي الشيخان ـ أبو بكر وعمر ـ عليها وأن تدفن سرا ولا يعرف قبرها ليكون ذلك علامة احتجاج صارخ مدى الدهر ، وليبقى السؤال يتردّد على كلّ لسان : لما ذا أوصت أن لا يصلّيا عليها ولا يشيّعا جنازتها ، ولما ذا دفنت بضعة المصطفى وثمرة فؤاده سرا ولم يعرف أحد من المسلمين قبرها إلى الآن؟
__________________
(١) ما بين المعقوفتين زائد من الصحّاف والله أعلم.
(٢) الهداية الكبرى / أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي ص ٤٠٧ والمذكور أحد أعلام القرن الثالث الهجري ولد عام ٢٥٨ ه ـ وتوفى عام ٣٣٤ ه ـ.