وقال عليّ بن عيسى عفا الله عنه : أما أصحابنا الشيعة فلا يصحّحون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه عليهماالسلام وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة (راوي الحديث) كان يزيد في الأحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين الأقوال والروايات (١).
وعليه فلا يبقى مجال للاعتماد على نقل زايدة ويسقط عن الاعتبار ، بل تطمئن النفس بأن زائدة أو غيره من رواة الحديث زاد هذه الجملة فيه ، ويحتمل أن تكون تلك الزيادة من صنعة أهل السياسة والرئاسة ، فإن ترويج الأحاديث المكذوبة على رسول الله كان لها شأنا عظيما في نجاح السياسات ، وتأسيس الحكومات في الصدر الأول ، فكانوا يأمرون بوضع الأحاديث ويتوسلون بها إلى جلب قلوب العامة لحفظ حكومتهم ، ويشهد لذلك أعمال معاوية على من يروي في فضل مولانا أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام حديثا ومنقبة وإعطائه الجوائز والصلات لكلّ من وضع حديثا في ذمّ الإمام عليّ وأهل البيت عليهمالسلام أو مدح عثمان وغيره من بني أمية ، فاستأجر أمثال أبي هريرة من أهل الدنيا وعبدة الدنانير والدراهم لجعل الأحاديث ، وهكذا جرى الأمر في ابتداء خلافة بني العبّاس وتأسيس حكومتهم وثورتهم على الأمويين ، واستمر الأمر فوضع الوضّاعون بأمرهم أو تقربا إليهم أحاديثا لتأييد مذاهبهم وآرائهم وسياستهم وتصحيح أعمالهم الباطلة ، ومما أخذه العباسيون وسيلة لبناء حكومتهم على عقيدة دينية هذا البشائر الواردة في الإمام المهديّ عليهالسلام ؛ فإذا لا يبعد في أن يكون الداعي إلى زيادة هذه الجملة تقوية حكومة محمّد بن عبد الله المنصور العبّاسي الملقب بالمهدي أو تأييد دعوة محمّد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية. ويؤكد هذا ما ذكره المؤرخ الصاحب الفخري في «الآداب السلطانية والدول الإسلامية» أن عبد الله المحض أثبت في نفوس طوائف من الناس أن ابنه محمّد هو المهدي الذي بشّر به ، وأنه يروي هذه الزيادة (اسم أبيه اسم أبي).
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٥١ / ٨٦ ط / دار الوفاء.