توافق مذهبا من مذاهب فرق المسلمين إلّا مذهب الإمامية ، وينبغي أن يعدّ ذلك من جملة معاجز النبيّ وأخباره عن المغيبات.
ذكر القندوزي في ينابيع المودة نقلا عن بعض المحقّقين قوله :
«إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أن مراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من حديثه هذا الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ولا يمكن أن يحمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر ولظلمهم الفاحش إلّا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : كلّهم من بني هاشم في رواية عبد الملك عن جابر وإخفاء صوته صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا القول يرجح هذه الرواية لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم ولا يمكن أن يحمله على الملوك العبّاسية لزيادتهم على العدد المذكور ولقلة رعايتهم ، الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وحديث الكساء فلا بدّ من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلّهم وأورعهم وأتقاهم وأعلاهم نسبا وأفضلهم حسبا وأكرمهم عند الله ، وكان علومهم عن آبائهم متصلا بجدهم صلىاللهعليهوآلهوسلم وبالوراثة واللدنية ، كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق وأهل الكشف والتوفيق ، ويؤيد هذا المعنى أي أن مراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الأئمة الاثني عشر من أهل بيته ويشهده ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكررة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها ، وأما قولهصلىاللهعليهوآلهوسلم : كلّهم يجتمع عليه الأمة ، في رواية عن جابر بن سمرة فمراده صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الأمة تجتمع على الإقرار بإمامة كلهم وقت ظهور قائمهم المهديّ رضي الله عنهم» (١).
وفي نهج البلاغة من خطبة الإمام علي «كرّم الله وجهه» : (أين الذين زعموا
__________________
(١) ينابيع المودة ص ٥٣٥.