وممن رآه جماعة كان الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام وثّقهم وعدّلهم في حياته ، واختصهم أمناء له في وقته ، وجعل إليهم النظر في أملاكه والقيام بمآربه ، معرفون بأسمائهم وأنسابهم وأمثالهم : كأبي عمرو عثمان بن سعيد السمّان وابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان وبني الرحبا من نصيبين وبني سعيد ، وبني مهزيار بالأهواز وبني الركولي بالكوفة وبني نوبخت ببغداد ، وجماعة من أهل قزوين وقم وغيرها من الجبال ، مشهورون بذلك عند الإمامية والزيدية ، معروفون بالإشارة إليه به عند كثير من العامة ، وكانوا أهل عقل وأمانة وثقة ودراية وفهم وتحصيل ونباهة ، وكان السلطان يعظم أقدارهم بجلالة محلّهم في الدنيا ، ويكرمهم لظاهر أمانتهم واشتهار عدالتهم ، حتى أنه كان يدفع عنهم ما يضيفه إليهم خصومهم من أمرهم ظنا منه بحسن سريرتهم واعتقاده ببطلان ما ينسب إليهم ، وذلك لأنهم كانوا مستترين في حالهم واعتقادهم إلى الغاية ، ومتكتمين لجودة آرائهم وصواب تدبيرهم إلى النهاية ، فما كان يظهر منهم ما يوجب إهانتهم والاستخفاف بحقوقهم ، أما بعد موت هؤلاء الأخيار والأمناء الأبرار فقد تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهماالسلام بأنه لا بدّ للإمام المنتظرعليهالسلام من غيبتين : إحداهما أطول من الأخرى ، يعرف خبره الخواص من شيعته في الغيبة الصغرى ، ولا يعرف أحد من العامة له مستقرا في الغيبة الكبرى إلّا من قام بخدمته من ثقاة أوليائه ، ولم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره.
والأخبار بذلك مستفيضة في مصنفات الشيعة الإمامية قبل مولد الإمام المهدي وأبيه وجدّهعليهمالسلام ، وظهر حقها عند مضي الوكلاء والسفراء الذين سميناهم رحمهمالله ، وظهر صدق رواتها بالغيبة الكبرى ، فكان ذلك من الآيات الباهرات في صحة ما ذهبت إليه الإمامية ودانت به في معناه ، وقد أثبت العلّامة النوري «أعلى الله مقامه» في كتابه القيّم «جنّة المأوى» العديد من الأفراد الممحصين الذين تشرفوا بلقاء الإمام الحجّة المنتظر عليهالسلام فليراجع.
٢ ـ إنّ خروج جماعة من الناس عن حكم العادة في استتارهم مئات السنين