(١) إن الأخبار قد جاءت عن أئمة الهدى من آباء الإمام المنتظر عليهالسلام بعلامات تدل عليه قبل ظهوره وتؤذن بقيامه بالسيف قبل سنته : منها خروج السفياني وظهور الدّجال وقتل رجل من ولد الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام يخرج بالمدينة داعيا إلى إمام الزمان فيذبحونه في مكة بين الركن والمقام ، وخسف بالبيداء بأصحاب السفياني وقد شاركت العامة الخاصة في الحديث عن رسول الله بأكثر هذه العلامات ، وأنها كائنة لا محالة على القطع بذلك والثبات ، وهذا بعينه معجز يظهر على يده ، ويبرهن به عن صحة نسبه ودعواه.
(٢) إن ظهور الآيات على أيدي الأئمة عليهمالسلام لا توجب لهم الحكم بالنبوة ، لأنها ليست بأدلة تختص بدعوة الأنبياء من حيث دعوا إلى نبوّتهم ، لكنّها أدلة على صدق الداعي إلى ما دعا إلى تصديقه فيه ، فإن دعا إلى اعتقاد نبوته كانت دليلا على صدقه في دعواه ، وإن دعا الإمام إلى اعتقاد إمامته كانت برهانا له على صدقه في ذلك ، وإن دعا المؤمن الصالح إلى تصديق دعوته إلى نبوة نبيّ أو إمامة إمام أو حكم سمعه من نبيّ أو إمام كان المعجز على صحة دعواه.
وليس يختص ذلك بدعوة النبوة دون ما ذكرناه ، وإن كان مختصا بذوي العصمة من الضلال وارتكاب الموبقات والآثام ، وذلك مما يصحّ اشتراك الأئمة مع الأنبياء في صحيح النظر والاعتبار ، وقد أجرى الله تعالى آية إلى مريم ابنة عمران حيث رزقها فاكهة من السماء وهو خرق للعادة وعلم باهر من أعلام النبوة ، فقال عزوجل : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ) (١).
ولم يكن لمريم عليهاالسلام نبوّة ولا رسالة ، لكنّها كانت من عباد الله الصالحين المعصومين من الزلات ، وأخبر سبحانه أنه أوحى إلى أمّ موسى (أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣٧ ـ ٣٨.