٢ ـ لا مضادة بن المعرفة بالإمام وبين جميع ما ذكر من أحواله ، لأن العلم بوجوده في العالم لا يفتقر إلى العلم بمشاهدته ، لمعرفتنا ما لا يصح إدراكه من الحواس ، فضلا عمّن يجوز إدراكه وإحاطة العلم بما لا مكان له أو عمّن يخفى مكانه والظفر بمعرفة المعدوم والماضي والمنتظر ، وقد بشّر الله تعالى الأنبياء المتقدّمين بنبيّنا أبي القاسم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل وجوده في العالم فقال سبحانه (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (١).
وقال تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) (٢).
فكان نبيّنا عليه وآله السلام مكتوبا مذكورا في كتب الله الأولى ، وقد أوجب على الأمم الماضية معرفته والإقرار به وانتظاره ، وهو عليهالسلام وديعة في صلب آبائه لم يخرج إلى الوجود ، ونحن اليوم عارفون بالقيامة والبعث والحساب وهو ـ أي البعث أو الحساب ـ معدوم وغير موجود ، وقد عرفنا آدم ونوحا وإبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام ولم نشاهدهم ، ولا شاهدنا من أخبر عن مشاهدتهم ، ونعرف جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهمالسلام ولسنا نعرف لهم شخصا ولا نعرف لهم مكانا ، فقد فرض الله عزوجل علينا معرفتهم والإقرار بهم وإن كنا لا نجد إلى الوصول إليهم سبيلا.
هذا مضافا إلى أن معرفتنا بوجوده وإمامته وعصمته وكماله نفع لنا في اكتساب الثواب ، وانتظارنا لطهوره عبادة نستدفع بها عظيم العقاب ، ونؤدي بها فرضا أوجبه علينا ربنا المالك للرقاب ، فكما أن معرفة الأمم الماضية لنبيّنا محمّد
__________________
(١) سورة آل عمران : ٨١.
(٢) سورة الأعراف : ١٥٧.