مما يستتبع القول بوجود اتفاق بين الجميع على هذا الوجه (١).
وبالجملة فإن معناه كما هو الراجح : ادّعاء النيابة الخاصة والسفارة بقرينة أن التوقيع صدر قرب وفاة السمري حيث ورد في أوله تعزية الإمام المهديّ عليهالسلام للمؤمنين بموت سفيره الرابع السمري ما بينه وبين ستة أيام ، ثم أمره عليهالسلام السمري بعدم الوصاية إلى أحد يقوم مقامه بعد وفاته ، إذ قد وقعت الغيبة التامة وأنه لا ظهور حتى يأذن الله تعالى ذكره ، ويشهد له براءة المؤمنين المعاصرين للغيبة الصغرى أمثال ابن قولويه القمي المتوفى سنة ٣٦٨ ه حيث قال : «إن عندنا أن كل من ادّعى الأمر بعد السمري فهو كافر منمس ضال مضل» (٢). فالمشاهدة أخذ فيها الشهود والحضور ، بمعنى أن النائب أو السفير كان دائم الحضور والمشاهدة للإمام المهديّ عليهالسلام أو على أقل تقدير كان أكثر أوقاته قائما في خدمة الإمام المهديّ عليهالسلام متشرفا بالحضور بين يديه ، وقد استفدنا ذلك من الاطلاق الموجود في كلمة «المشاهدة» حيث هي اسم اتصلت به لام الجنس التي تفيد الاطلاق والشيوع في متعلقها ، ولو أراد الإمام عليهالسلام غير النيابة والوكالة لكان قال : «ومن ادّعى مشاهدتي .. فهو كذاب مفتر» لذا كرّر روحي فداه كلمة «المشاهدة» في التوقيع مرتين ، تأكيدا لما قلنا ، وعليه : فإن مفهوم المشاهدة قد أخذ فيها تكرار الرؤية والحضور وهذا غير حاصل لمن رآه مرة أو مرتين لقضاء حاجة أو نجاة من ظالم ، وإلّا لكان عليه أن يعبّر عن هذا بما قلنا آنفا ، أو بقوله : «من ادّعى المشاهدة البصرية» إلا أن الإمام المهديّ عليهالسلام لم يقل ذلك ، ومقتضاه تكذيب من ادّعى السفارة والوكالة الخاصة التي هي القدر المتيقن من دلالة النص ، وما عداه مشكوك به فيبقى ضمن أصالة الجواز أو الإباحة.
رأي العلّامة الصدر «قدسسره» :
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٥٣ / ٣٢٠ ـ ٣٢٣.
(٢) غيبة الطوسي ص ٢٥٥.