للحاكم ، وقد اختلفوا في تاريخ إسلامه أيضا ، فمنهم من قال : أسلم في السنة السادسة للهجرة ، ومنهم من قال : في السنة السابعة. فبمقدار سني إسلامه حكموا بصحبته لرسول الله (١) ، لأن الصحابي عند العامة هو كل من رأى النبيّ أو سمع منه حديثا.
وكذا اختلفوا في أصله سوى أنه من عشيرة سليم بن فهم من قبيلة أزد ثم من دوس. قدم الدوسيون وفيهم أبو هريرة ورسول الله بخيبر ، فكلّم رسول الله أصحابه في أن يشركوا أبا هريرة في الغنيمة ففعلوا ، ولفقره اتخذ سبيله إلى الصفة بعد ما عاد إلى المدينة فعاش بها ما أقام بالمدينة.
وكان أبو هريرة صريحا في الإبانة عن سبب صحبته للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما كان صريحا صادقا في الكشف عن حقيقة نشأته ، فلم يقل إنّه صاحبه للمحبة والهداية ، كما كان يصاحبه غيره من سائر المسلمين وإنما قال :
«إنه قد صاحبه على ملء بطنه» ففي حديث رواه أحمد والشيخان عن سفيان عن الزهري عن عبد الرحمن الأعرج قال : سمعت أبا هريرة يقول : «إني كنت امرأ مسكينا أصحب رسول الله على ملء بطني».
وفي رواية لمسلم : «كنت رجلا مسكينا أخدم رسول الله على ملء بطني» وسجّل التاريخ أنه كان أكولا نهما ، يطعم كل يوم في بيت النبيّ ، أو في بيت أحد أصحابه ، حتى كان بعضهم ينفر منه.
ومما رواه البخاري عنه أنه قال : كنت استقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني ، وكان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته ، وروى الترمذي عنه : وكنت إذا سألت جعفر عن آية لم يجبني حتى يذهب إلى منزله ، ومن أجل ذلك كان جعفر هذا في رأي أبي هريرة أفضل الصحابة جميعا ، فقدّمه على أبي بكر وعمر وعثمان ، لذا أخرج الترمذي
__________________
(١) الإصابة ج ٤ / ٢٠٦.