قولكم : الأمة مجمعة على ذلك. لا نسلم تصور انعقاد الإجماع ؛ فإن الأمة مع كثرتها ، واختلاف دواعيها ، مما يمتنع عادة اتفاقهم على شيء واحد. كما يمتنع اتفاقهم على أكل طعام واحد في يوم واحد.
سلمنا (١) تصور انعقاد الإجماع ؛ ولكن لا نسلم كونه حجة (١) ، وبيانه من / وجهين:
الأول : أن كل واحد من آحاد الإجماع يتصور عليه الخطأ بتقدير انفراده ، فإذا (٢) انضم قول المخطئ إلى المخطئ الآخر ؛ لا يصير بذلك صوابا ، ولا حجة.
[الثانى] (٣) : سلمنا الإصابة في إجماعهم ؛ ولكن متى يجب على المجتهد اتباع الإجماع؟
إذا كان مصيبا في اجتهاده ، أو إذا لم يكن.
الأول : ممنوع ؛ فإنه ليس ترك أحد الصوابين (٤) ، واتباع الآخر أولى من العكس. والثانى : فيوجب إمكان تطرق الخطأ إلى كل واحد من آحاد الإجماع ، ويخرج عن كونه حجة كما سلف.
سلمنا أن الإجماع حجة ؛ ولكن لا نسلم وقوعه فيما نحن فيه. وبيانه من جهة الإجمال ، والتفصيل.
أما الإجمال : فهو أن الإجماع لا يتم إلا باتفاق جميع أهل الحل والعقد في عصر من الأعصار. ويحتمل أنّ واحدا منهم كان في بلاد الكفار ، وفي موضع لا يبلغه حكم هذه الواقعة ، ولا هو مجتهد فيها. ومع تطرق هذا الاحتمال ؛ فلا إجماع.
وأما التفصيل : فمن وجهين :
الأول : هو أن كثيرا من المسلمين ، وأهل الحق. قد ذهبوا إلى أن جميع العلوم تقع ضرورية غير مقدورة للعباد ، ولا مكتسبة لهم. وما يكون وقوعه ضروريا ، لا يكون واجبا ـ وكل من اعتقدها ضرورية ، اعتقد أنها غير واجبة ؛ ومع هذه المخالفة ؛ فلا إجماع.
__________________
(١) من أول (سلمنا تصور ...) ساقط من ب.
(٢) في ب (فإن).
(٣) ساقط من أ.
(٤) في ب (القولين).