وقد بقى الآمدي بحماة أربع سنوات كانت من أعظم أيام حياته إنتاجا وتأليفا ، نعم فيها بالأمن والسلام والحب والتقدير.
فى دمشق :
أولا : عهد السلطان المعظم عيسى [٦١٧ ه ـ ٦٢٤ ه] ١٢٢١
م ـ ١٢٢٧ م
ذهب الآمدي إلى دمشق سنة ٦١٧ ه بعد أن طلبه أميرها ـ كما سلف ـ فولّاه تدريس المدرسة العزيزية (١) المجاورة لتربة الملك الناصر صلاح الدين الأيوبى ـ وأعطاه دارا وأحسن إليه (٢).
وفي هذه الفترة كان الرجل قد بلغ أوج كفايته علما وفضلا ، وكان قد قارب السبعين من عمره ؛ فأقبل على الاشتغال والتصنيف ، وعقد له مجلس المناظرة ليلة الجمعة ، وليلة الثلاثاء من كل أسبوع بالحائط الشمالى من جامع دمشق ، وكان يحضر مجلسه الأكابر من كل مذهب ، ورحل إليه الطلبة من جميع الآفاق من سائر الطوائف ؛ لطلب العلم (٣).
وقد كانت الفترة التى قضاها الآمدي في عصر الملك المعظم ، ومقدارها سبع سنوات من سنة ٦١٧ ه تاريخ وصول الآمدي لدمشق إلى سنة ٦٢٤ ه تاريخ وفاة المعظم ؛ فترة نال فيها الآمدي التقدير والحب أحيانا ، ثم التقدير مع الكراهية أحيانا أخرى.
ثانيا : عهد الملك الناصر داود [٦٢٤ ه ـ ٦٢٦ ه]
١٢٢٧ م ـ ١٢٢٩ م
لما ولى الملك الناصر داود بعد موت أبيه الملك المعظّم عيسى ؛ عرف للآمدى فضله ، وقرّبه إليه ، وعوضه عن فترة الجفوة التى كانت من أبيه ؛ لأنه كان من المعجبين به أشد الإعجاب.
__________________
(١) عن هذه المدرسة : انظر الحياة العقلية في عصر الحروب الصليبية في مصر والشام. د. أحمد بدوى ط ١ مطبعة نهضة مصر بالقاهرة.
(٢) مفرج الكروب لابن واصل ٥ / ٣٧ ، ٣٨.
(٣) الوافى بالوفيات للصفدى ٢١ / ٣٤١.