قلنا : وهو كذلك ؛ فإنه مهما كان الشيء ممكنا ؛ فلا بد له (١) من مرجح في وجوده ، وعدمه ؛ وإلا فهو واجب ، أو ممتنع. فكما أنه في حال وجوده يفتقر (٢) إلى المرجح ؛ فكذلك في حال عدمه.
قولهم : العدم نفى محض ؛ فلا يكون أثرا.
قلنا : معنى كونه أثرا ، لا بمعنى أنه شيء ؛ بل بمعنى أنه لو لا المؤثر ؛ لما كان معدوما. وسواء كان العدم طارئا ، أو أصليا.
قولهم : المرجح للعدم : إما أن يكون هو المرجح للوجود ، أو غيره.
قلنا : المرجح (٣) للعدم هو المرجح للوجود (٣) ؛ لكن إن كان مرجحا بذاته عند القائلين بذلك ؛ فعدمه هو المرجح للعدم ، لا نفس وجوده. وإن كان مرجحا بالقدرة والإرادة : عند القائلين به ؛ فيصح أن يقال : إن عدم المعدوم في حال عدمه مستند إلى عدم تعلق القدرة بإيجاده ، والإرادة بتخصيصه في ذلك الوقت. ويصح أن يقال / بكونه مستندا إلى قدرة قديمة ، اقتضت عدمه ، وإرادة قديمة اقتضت تخصيصه بذلك الوقت ، كما اقتضت تخصيص وجوده بوقت آخر ، كما ذهب إليه القاضى أبو بكر في أحد قوليه.
قولهم : لو افتقر إلى مرجح في وجوده ؛ فذلك المرجح : إما قديم ، أو حادث. على ما قرروه. فإنما يلزم ، أن لو كان مستند الحوادث موجبا بذاته وطبعه حتى يلزم من حدوثه التسلسل ، ومن قدمه ؛ قدم معلوله ، وليس كذلك ؛ بل هو فاعل قديم مختار اقتضى بقدرة قديمة ، وخصص بإرادة أزلية ، وجود الحادث حال حدوثه من غير تقدم ، ولا تأخر. ولا يلزم من قدم القدرة والإرادة ؛ قدم المقدور والمراد ؛ إذ القدرة عبارة عن : معنى من شأنه تخصيص الحادث بالوجود (٤) ، دون العدم ؛ لا ما يلازمه الوجود.
والإرادة : عبارة عن معنى من شأنه تخصيص الحادث (٤) ، بوقت دون وقت.
فإذا قيل : لم كانت الإرادة مقتضية للتخصيص بوقت دون وقت ، مع قدمها ، واستواء نسبتها إلى جميع الأوقات؟ فكأنه قيل : لم كانت الإرادة إرادة؟
__________________
(١) ساقط من (ب)
(٢) فى ب (لا يفتقر)
(٣) فى ب (المرجح للوجود هو المرجح للعدم)
(٤) من أول (بالوجود دون العدم ...) ساقط من (ب)