فقال تارة : هو قول القائل : ليت ما لم يكن كان ، وما كان لم يكن.
وتارة : أنه ضرب من الاعتقادات ، والظنون.
وتارة : أنه التلهف ، والتأسف.
والحق أن الإرادة مغايرة للتمنى ، وبيانه من ثلاثة أوجه :
الأول : أن التمنى قد يتعلق بما فات. وهو ما يدل عليه بقول القائل : ليت ما كان لم يكن ، وما لم يكن كان ؛ والإرادة لا تتعلق بما فات.
والثانى : هو أن الإرادة قد تتعلق بما يعلم وقوعه ؛ بخلاف التمنى.
والثالث : هو أن الإرادة قد تتعلق بقتال (١) العدو القاصد للهلاك ؛ بخلاف التمنى ؛ فإنه لا يتعلق بقتاله (٢).
وإذا عرف الفرق بين التمنى ، والإرادة بما ذكرناه ؛ فقد امتنع جعل التمنى نوعا من الإرادة. وإلا لزم من وجود التمنى ؛ وجود الإرادة ؛ ضرورة لزوم وجود الأعم ؛ من وجود الأخص ؛ وهو باطل بما ذكرناه من الفرق الأول ، وامتنع أيضا تفسيره بالقول ؛ فإن التمنى قد يوجد في حق من لا قول له.
وامتنع تفسيره بالتأسف ، والتلهف : إذ هو مخصوص بما فات ، والتمنى قد يتعلق بما هو آت.
وامتنع تفسيره بأنه ضرب من الاعتقادات والظنون : إذ هو غير مميز للتمنى ؛ فإن ما عداه من ضروب الاعتقادات والظنون ، يصدق عليه أنه ضرب من الاعتقادات والظنون ؛ وليس تمنيا.
والمقصود : إنما هو بيان الفرق / بين الإرادة ، والتمنى ، وقد حصل ذلك بما حققناه ؛ فلا حاجة إلى تحديد التمنى ، وشرح معناه.
وأما العزيمة : فعبارة عن توطين النفس على أحد أمرين بعد سابقة التردد فيهما (٣).
إلا أنها (٣) نفس الإرادة المتقدمة على المراد بأزمنة ، كما ذهبت إليه المعتزلة حتى أنهم منعوا بذلك من إثبات الإرادة (٤) القديمة لله ـ تعالى ـ ومن أراد بلفظ العزيمة ذلك ؛
__________________
(١) فى ب (بقتل).
(٢) فى ب (بقتله).
(٣) فى ب (فيها لأنها).
(٤) فى ب (الأدلة).