فلا مانع من إثباته في حق الله ـ تعالى ـ وإن كان إطلاق لفظ العزيمة عليه ممتنعا ؛ لعدم وورود الشرع به.
وأما المحبة والرّضى : فقد اختلف أصحابنا فيه.
فذهب المعظم منهم : إلي أن الإرادة هى نفس المحبة والرضى ، وذهب الباقون : إلى المغايرة بينهما.
أما القائلون بالاتحاد : فقد احتجوا بمسلكين :
الأول : بأن قالوا : لو كانت الإرادة مغايرة للمحبة ، والرضى. فلا يخلو : إما أن تكون المحبة والرضى مخالفين للإرادة ، أو مماثلين لها.
فإن كان الأول : فإما أن يكونا مضادين ، أو غير مضادين لها. فإن كانا متضادين لها ؛ فيلزم منه استحالة الجمع بين إرادة الشيء ومحبته ، والرضى به ؛ وهو ممتنع. وإن لم يكونا مضادين ؛ فكل مختلفين غير متضادين لا يمتنع وجود أحدهما مع ضد الآخر ، ويلزم من ذلك جواز وجود المحبة والرضى ، مع وجود ضد الإرادة ، وهو الكراهة ؛ وهو ممتنع. فلم يبق إلا التماثل ؛ ويلزم الاشتراك في معنى الإرادة.
ولقائل أن يقول : وإن سلمنا أنهما لا يتضادان مع الاختلاف ، فمن الجائز أن يكونا من قبيل المتلازمين اللذين لا انفكاك لأحدهما عن الآخر.
وعند ذلك فلا يلزم جواز وجود أحدهما مع ضد الآخر ، وإن جاز ذلك فيما عداهما من المختلفات الغير متلازمة.
المسلك الثانى : أن مريد الشيء يستحيل أن لا يكون محبا له ، وكذلك بالعكس. ولو تغايرا ؛ لتصور الانفكاك بينهما ؛ وهو ضعيف أيضا ؛ فإن الانفكاك بين المحبة والإرادة ؛ غير ممتنع ؛ ولهذا فإن شرب الدواء المستكره مراد ، وليس بمحبوب.
ولو قال القائل هو (١) مراد لى ، وليس بمحبوب (١) ، لم يكن مستبعدا. وبتقدير عدم الانفكاك ؛ فلا (٢) يدل ذلك على الاتحاد في المعنى ؛ لما سبق في المسلك الّذي قبله (٢).
__________________
(١) فى ب (هو محبوب وليس بمراد).
(٢) فى ب (فلا يدل على الإيجاد في المعنى على ما سبق في المسلك الثانى قبله).