المفهوم من الجاهل مناقض للمفهوم من كونه عالما ، والمفهوم من الجاهل وجود ؛ فكان المفهوم من كونه عالما ؛ عدميا.
وبيان أن المفهوم من الجاهل وجود : أنه لو كان عدما ؛ لكان سلب الجاهل وجودا. ولو كان سلب الجاهل وجودا. لما صح اتصاف المعدوم المحض به ، وهو متصف به ؛ فكان سلب الجهل عدما ؛ فيكون المفهوم من الجاهل وجودا.
سلمنا أنه يمتنع أن يكون عدميا ؛ ولكن ما المانع من كونه ليس بموجود ، ولا معدوم؟ كما ذهب إليه أبو هاشم ، على ما سيأتى في تحقيق الأحوال (١).
كيف وأن الوجود صفة إثبات ، ولا يوصف بالوجود ؛ وإلا قام الوجود بالوجود ؛ وهو محال.
ولا بالعدم : وإلا كان الوجود معدوما ؛ وهو محال.
وكذلك الحادث في حال خروجه من العدم إلى الوجود ليس بمعدوم ؛ فإن حالة الخروج من العدم ؛ لا تجامع العدم. وليس بموجود ؛ فإن حالة الوجود ، لا تجامع حالة الخروج إلى الوجود.
سلمنا دلالة ما ذكرتموه (٢) على اتصافه بالعالمية ، وأنها صفة وجودية ؛ ولكن معنا ما يدل على امتناع ذلك. وبيانه بأمرين.
الأول : ما أسلفناه من الحجج العامة في نفى / الصفات الوجودية الزائدة على ذات واجب الوجود (٣).
الثانى : أنه لو كان عالما بشيء ؛ لكان عالما بأنه عالم بذلك الشيء ؛ واللازم ممتنع لوجهين :
الأول : أنه يلزم منه أن يكون عالما بذاته ؛ لما سبق ، ولا معنى للعلم بالشيء غير انطباع صورة المعلوم في نفس العالم ، أو إضافة بين العالم ، والمعلوم ؛ وعلى كلا التقديرين : فيستدعى المغايرة ، ولا تغاير في ذات الله ـ تعالى ـ ولا تعدد.
__________________
(١) انظر ل ١١٥ / أمن الجزء الثانى.
(٢) فى ب (ما ذكروه).
(٣) انظر ل ٥٤ / أوما بعدها.