الثانى : أنه يلزم أن يكون عالما بكونه عالما ، بكونه عالما ، وهلم جرا ، إلى غير النهاية ؛ وهو ممتنع ؛ لما فيه من التسلسل ، وإثبات عالميات لله ـ تعالى ـ غير متناهية ؛ وهو محال كما سبق (١).
سلمنا اتصافه بكونه عالما ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من ذلك أن يكون عالما بعلم كما قاله الجبائى ، وابنه أبو هاشم (٢).
ويدل عليه أن اتصاف البارى بكونه عالما. إما أن يكون جائزا ، أو واجبا.
لا جائز أن يكون جائزا : وإلا لما لزم من فرض عدمه المحال. ولو جوزنا فرض عدم كونه عالما مع أنه من شأنه أن يكون عالما ؛ فيكون (٣) جاهلا (٣). والجهل على الله ـ تعالى ـ محال ؛ فلم يبق إلا أن يكون ذلك له واجبا.
وإذا كان اتصافه بالعالمية واجبا : امتنع أن يكون في اتصافه بذلك محتاجا إلى العلم. وإلا فعند فرض عدم العلم. إن اتصف بكونه عالما ؛ فهو غير محتاج إلى العلم. وإن لم يتصف به ؛ لم يكن ذلك واجبا. وقد قيل بوجوبه.
سلمنا أنه لا بدّ وأن يكون عالما بعلم ؛ ولكن بعلم قائم بذاته ، أو لا بذاته. الأول :
ممنوع. والثانى : مسلم.
وبيان امتناع قيام العلم بذاته (٤) من عشرة أوجه :
الوجه الأول : أن العلم القائم بذاته : إما أن يكون ضروريا ، أو نظريا. لا جائز أن يكون ضروريا ؛ وإلا كان الرب ـ تعالى ـ موصوفا بالاضطرار ؛ وهو محال.
ولا جائز أن يكون نظريا لوجهين :
الأول : أن النظر يستدعى سابقة الجهل ، كما تقدم في قاعدة العلم ، والجهل على الله ـ تعالى ـ محال.
__________________
(١) انظر ل ٤١ / ب وما بعدها.
(٢) انظر ل ٧٢ / ب.
(٣) فى ب (لكان جهلا).
(٤) فى ب (به).