قولهم : إذا ظرف زمان مختص بالاستقبال. عنه جوابان :
الأول : أن الاستقبال مختص بإرادة الكائنات : / أى بتعلق الإرادة بها ، لا أنه عائد إلى القول.
الثانى : أنه وإن كان الاستقبال مختصا بالقول ؛ لكن بتعلقه بالأمور ، لا بنفس القول.
قولهم : أن الخفيفة إذا اتصلت بالفعل المضارع خلصته للاستقبال.
عنه جوابان أيضا :
الأول : المنع. ويدل عليه قول أفاضل النحاة : إن الفعل المضارع مع أن الخفيفة في حكم المصدر. فإذا قال القائل : أريد أن أقوم. فهو كما لو قال : أريد القيام. والمصدر لا تخصص له بحال ، ولا استقبال ؛ فما هو في معناه كذلك ، ويدل عليه قوله ـ تعالى ـ (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (١) وليس المراد به إيمانا متوقعا في الاستقبال ؛ فإنهم لم ينقموا منهم ما سيكون ؛ بل ما هو كائن منهم.
الثانى : أن ذلك وإن أوجب التخصيص بالاستقبال ؛ لكنه عائد إلى تعلق القول لا إلى نفس القول ؛ وهذا كما إذا قال القائل : أريد أن يعلم الله نصحى لفلان ؛ فليس المراد به غير تجدد تعلق العلم به ، لا تجدد علم الله ـ تعالى ـ به.
قولهم : إنه رتب التكوين عليه بفاء التعقيب ؛ فيكون حادثا.
قلنا : المرتب عليه التكوين بفاء التعقيب إنما هو تعلق القول لا نفس القول ؛ فلا يلزم منه حدوث القول ، وإن لزم منه حدوث التعلق.
قولهم : إنه فسر أمره بقوله : (كُنْ) وهو مركب من حرفين مترتبين ؛ فيكون حادثا.
قلنا : الحروف ، والأصوات ليست هى كلام الله ـ تعالى ـ ، ولا هى نفس الأمر ؛ بل [هى (٢)] عبارة عنه على ما سيأتى : فقوله (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ
__________________
(١) سورة البروج ٨٥ / ٨.
(٢) ساقط من أ.