فَيَكُونُ) (١) أى مدلول قولنا (٢) : (كُنْ). ولا يلزم من حدوث الدّال حدوث المدلول ، وإلا فلو كان (كُنْ) تفسيرا للأمر ، للزم التسلسل على (٣) ما سبق (٣).
قولهم : هذا استدلال بالكلام على الكلام.
قلنا : اتفق المسلمون على أن هذا من كلام الله ـ تعالى وأنه حق صدق ؛ فيكون دليلا على القدم بالنسبة إلى المنازع منهم في الحدوث ، ولا دور ، ومن أنكر كونه من كلام الله ـ تعالى استدل عليه بأخبار من دلت المعجزة على صدقه عنه أنه كلام الله ـ تعالى ـ على ما يأتى في النبوات (٤) ، وما ذكروه من المعارضة بالنصوص.
أما قوله ـ تعالى ـ (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (٥) ؛ فهو دليل اللعب عند ورود الذكر الحادث من الرب تعالى ، وليس في ذلك ما يدل على حدوث كل ذكر يأتى منه ؛ فلا يلزم منه حدوث القرآن. ولهذا أخبر / باللعب عند استماعه ، والقرآن لم يحدث عندهم لعبا وضحكا ؛ بل إفحاما ، واضطرابا.
وعند هذا قال كثير من أهل التفسير ـ المراد به : إنما هو التذاكير ، والمواعظ الواردة على لسان الرسول الخارجة عن القرآن.
ومنهم من قال : المراد به الرسول (٦) المبلغ ؛ فإنه يسمى ذكرا : ومنه قوله ـ تعالى ـ (ذِكْراً* رَسُولاً) (٧).
ويحتمل أن يكون المراد منه الذكر الحادث ، المركب من الحروف ، والأصوات الدالة على الكلام القديم دون المدلولات.
وعلى هذا يجب حمل قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٨) ،
__________________
(١) وردت الآية هنا أيضا خطأ وقد صححتها. سورة النحل ١٦ / ٤٠.
(٢) فى ب (قوله).
(٣) فى ب (كما سبق).
(٤) انظر ل ١٢٨ / أمن الجزء الثانى وما بعدها ـ القاعدة الخامسة : فى النبوات.
(٥) سورة الأنبياء ٢١ / ٢.
(٦) فى ب (إنما هو الرسول).
(٧) سورة الطلاق ٦٥ / ١٠ ، ١١.
(٨) سورة الحجر ١٥ / ٩.