سلمنا الاتفاق على المدلول ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من ذلك ثبوت كلام هو صفة نفسانية للرب ـ تعالى ـ وبيانه من وجهين :
الأول : أن تلك الصفة النفسانية : إما أن تكون من جنس كلام البشر ، أو لا (١) تكون من جنس كلام البشر.
فإن لم تكن من جنس كلام البشر ؛ فلا يكون (١) معقولا. وما ليس بمعقول لا سبيل إلى إثباته فضلا عن / اتفاق العقلاء عليه. وإن كان من جنس كلام البشر ؛ فهو ممتنع لوجهين :
الأول : أنه يلزم أن يكون مشاركا لكلام البشر في العرضية ، والإمكان ، وأن يكون الرب ـ تعالى ـ محلا للأعراض ؛ وهو ممتنع.
الثانى : أنه لو كان من جنس كلام البشر : فإما أن يكون من جنس الكلام اللسانى ، أو لا من جنسه.
فإن كان من (٢) جنس الكلام اللسانى (٢) : فإما أن يكون بحروف ، وأصوات ، أو لا بحروف ، وأصوات ، أو هو صوت بلا حرف ، أو حرف بلا صوت.
لا جائز أن يقال بالأول : إذ الأصوات لا تكون إلا عن اصطكاك أجرام صلبة من قرع ، أو قلع. والحروف عبارة عن مقاطع تلك الأصوات ، ولا تكون إلا مترتبة ، ومتعاقبة ، لا وجود للمتقدم منها مع المتأخر ، وكذلك بالعكس ؛ فتكون حادثة ، والحادث لا يكون صفة للرب ـ تعالى ـ كما يأتى (٣) :
ولا جائز أن يقال بالثانى : وإلا فهو خارج عن جنس كلام اللسان ؛ فإن كلام اللسان ؛ عبارة عن أصوات مقطعة دالة بالوضع على عرض مطلوب.
وعلى هذا يمتنع تفسيره ، بالثالث ، والرابع أيضا.
__________________
(١) فى ب (أولا. فإن لم تكن من جنس كلام لا يكون).
(٢) فى ب (من جنسه).
(٣) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.