وعلى هذا : فقد اندفع ما ذكروه من السؤال الثانى.
قولهم : هذا تمسك بالإجماع فيما يفضى إلى الدور ؛ ليس كذلك ؛ فإنا لا نسلم أن صدق الرسول يتوقف على ثبوت كلام الله ـ تعالى ـ ، ولا على وجوده من حيث أن دلالة المعجزة على صدقه معلوم بالضرورة على ما سنبينه. وبعد أن ثبت صدقه بالمعجزة ، فإذا أخبر عن وجود الله ـ تعالى ـ وصفاته ، وكلامه ؛ ثبت بإخباره من غير دور.
قولهم : الإجماع / منعقد على اللفظ ، أو المعنى؟
قلنا : على اللفظ ، والمعنى.
أما اللفظ : فمن غير خلاف.
وأما المعنى : فلا شك في إجماعهم على أن قول القائل : إن البارى ـ تعالى ـ متكلم بكلام له معنى. غير أن الاختلاف واقع في نفس ذلك المعنى والاختلاف في نفس المعنى غير مانع من الاتفاق على أن اللفظ له معنى.
وإذا ثبت أن له معنى ؛ فذلك المعنى إن كان هو العبارة ؛ فلا بد لها من معنى في نفسه على ما تقدم تقريره.
قولهم : لو كان من جنس كلام البشر ؛ لكان مشاركا له في العرضية ، والإمكان ؛ فقد سبق جوابه فيما تقدم.
قولهم : إذا لم يكن من جنس كلام اللسان ، لا يكون معقولا ؛ ليس كذلك ؛ فإنا إنما نريد به. ما يجده الإنسان من نفسه عند قوله لعبده : أفعل كذا ، أو لا تفعل كذا. وكذلك في سائر أقسام الكلام.
وهذه المعانى هى التى يدل عليها بالإشارات. وهى مغايرة للعبارات ؛ إذ هى مدلولها ، والدال غير المدلول. وأنها لا تتبدل ، وإن تبدلت العبارات الدالة عليها ، وأنها غير وضعية ، ودلائلها وضعية.
قولهم : إما أن يكون قديما ، أو حادثا؟
قلنا : قديم.